للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قول آخر وهو أن المرفوع معطوف على موضع «إنّ» وما عملت فيه لأنها وما عملت فيه في موضع ذلك الاسم الذي كان مبتدأ قبل دخولها، وهذا هو الذي جنح إليه الفارسي (١)، ومن ثم قيل في المسألة مذاهب ثلاثة (٢). وأما كون المرفوع يكون معطوفا على الضمير الذي في الخبر، فقد عده الشيخ مذهبا رابعا، ولا ينبغي ذلك لأن هذه مسألة برأسها (٣)، والعطف على الضمير المستتر لا خصوصية له بهذا الباب، وإذا كان كذلك فلا يعد مذهبا. واعلم أن القائلين بأنه من عطف المفردات شبهتهم أنه سمع من لسان العرب: إنّ زيدا منطلق لا عمرو. قالوا: ولا يتصور أن يكون من قبيل عطف الجمل لأن «لا» لا يعطف بها إلا المفرد، ولو كان ما بعد «لا» مرفوعا بالابتداء وكانت «لا» حرف نفي مستأنفا ما بعدها لزم تكرارها.

ولأجل هذا قال ابن خروف في قولهم: (إن زيدا منطلق لا عمرو) جاز الرفع وإن لم يجز الابتداء «بلا»، ومن هنا وقع الخلاف، إذ لا يقال في الابتداء: (لا عمرو قائم)، قال: فذكر «لا» هنا أوقع الخلاف بين النحويين في هذا المرفوع، وإنما دخلت «لا» هنا من حيث كان الاسم بعدها بصورة المعطوف؛ فجاز فيه ما لا يجوز في الابتداء (٤).

وجعل الشلوبين ذلك دليلا قاطعا على أن سيبويه يحمل على الموضع (٥). ولا يتم ما قاله الشلوبين لأن كلام سيبويه يعطي خلاف ذلك، فإنه قال: وما يكون محمولا على «إنّ» فيشارك فيها الاسم الذي وليها ويكون محمولا على الابتداء (٦): إنّ زيدا ظريف وعمرو، فيرفع على وجهين: فأحدهما حسن، وهو أن يكون محمولا على الابتداء، لأن معنى إنّ زيدا منطلق: زيد منطلق وإنّ توكيد والآخر ضعيف أن يكون محمولا على المضمر، فأحسنه أن يقول: هو وعمرو، فإن شئت جعلت الكلام على الأول فقلت: (إنّ زيدا منطلق وعمرا) (٧). ولكنّ المثقلة -


(١) ينظر شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٤٥٣) ط العراق، والإيضاح للفارسي (١١٦).
(٢) ينظر التصريح (١/ ٢٢٦)، والهمع (٢/ ١٤٤).
(٣) ينظر التذييل (٢/ ٨٠٣)، وحاشية يس على التصريح (١/ ٢٢٦).
(٤) التذييل (٢/ ٨٠١).
(٥) ينظر التوطئة (ص ٢٠٥)، والتذييل (٢/ ٨٠١).
(٦) زاد في (ب) (لأن معنى) قبل قوله: إن زيدا ظريف وعبارة الكتاب: فأما ما حمل على الابتداء فقولك.
(٧) الكتاب (٢/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>