للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للفاعل دون أن يسند إلى شيء في اللفظ والفعل لازم قال الشاعر (١) [٢/ ٢٥٠]:

١٢٦١ - وقالت متى يبخل عليك ويعتلل ... يسؤك وإن يكشف غرامك تدرب (٢)

«فيعتلل» فعل لازم مبني للمفعول، ولا مفعول له ظاهر، ولا جائز أن يكون المفعول «عليك» محذوفة لدلالة «متى يبخل عليك» عليه؛ لأن النائب عن الفاعل لا يجوز حذفه كالفاعل، فالأولى أن يعتقد أن «يعتلل» مفعوله ضمير يعود على المصدر الذي يدل عليه الفعل ويجعل فيه اختصاص، أي: يعتلل هو، أي: الاعتلال المعهود أو يجعل «عليك» محذوفة لدلالة ما قبلها عليها، ويكون في موضع نصب ليتخصص به المصدر المذكور كما تقول: فلان يغضب عليك ويحقد، تريد: ويحقد عليك (٣).

وأجاز سيبويه اختصاص المصدر بوصف مقدر فيقول: سير بزيد سير؛ إذا أردت به نوعا من السير فحذف الصفة؛ لفهم المعنى، كما قال تعالى: الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ (٤) أي: بالحق البين (٥)، وقال ابن عصفور: إن هذا مما انفرد به سيبويه (٦)، وأقول: إذا كان التقدير في «ويعتلل» ضمير الاعتلال - أعني ضمير مصدر معرف - كان النائب عن الفاعل مختصّا لا مؤكدا.

ولا شك أن الأمر إذا كان كذلك فالحكم كما ذكره المصنف من أنه لا يجوز -


(١) ذكر العيني أنه علقمة بن عبدة، وقال غيره: إنه امرؤ القيس، يقول الصبان في حاشيته على الأشموني (٢/ ٦٥):
«قال امرؤ القيس الكندي وهو الصحيح، ومن قال لعلقمة بن عبدة فقد وهم وهما فاحشا» اه.
(٢) البيت من الطويل وهو في التذييل (٢/ ١١٩٣)، والمغني (٢/ ٥١٦)، وشرح شواهده للسيوطي (١/ ٩٢)، (٢/ ٨٨٣)، والعيني (٤/ ٥٠٦)، والتصريح (١/ ٢٨٩)، وأوضح المسالك (١/ ١٤٤)، والأشموني (٢/ ٦٥)، وديوان امرئ القيس (ص ٤٢). ويروى البيت برواية: «يبخل - نعتلل - نسؤك».
والشاهد قوله: «ويعتلل»؛ حيث أسند الفعل إلى ضمير يعود إلى المصدر، والتقدير: «يعتلل الاعتلال المعهود أو اعتلال عليك»، ثم حذف «عليك» لدلالة ما قبلها عليها.
(٣) التذييل والتكميل (٢/ ١١٩٣).
(٤) سورة البقرة: ٧١.
(٥) في الكتاب (١/ ٢٢٩): «فإن قلت: ضرب به ضربا ضعيفا فقد شغلت الفعل بغيره عنه ومثله:
سير عليه سيرا شديدا، وكذلك إن أردت هذا المعنى ولم تذكر الصفة، تقول: سير عليه سير، وضرب به ضرب، كأنك قلت: سير عليه ضرب من السير، أو سير عليه شيء من السير» اه.
(٦) في شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٥٣٦) طبعة العراق: «ويشترط فيه أيضا - أي المصدر - أن يكون مختصّا في اللفظ أو في التقدير نحو قولهم: قيم قيام حسن، وقيم قيام إذا أردت قياما ما؛ فحذفت الصفة وأقمت الموصوف مقامه، ولو قلت: قيم قيام، ولم تصفه لا في اللفظ ولا في التقدير لم يجز؛ لأنه لا فائدة فيه، ألا ترى أنه معلوم أنه لا يقام إلا قيام» اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>