للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يطلع على قول أصحاب هذين المذهبين وهو الأقرب بدليل أنه نفى الخلاف رأسا في إقامة الثاني إذا لم يلبس، والحق جواز إقامة الثاني إذا لم يحصل لبس، ويدل على أن القلب غير معتبر أنه إذا قيل: أعطي درهم زيدا كان معناه معنى قولنا: أعطي زيد درهما، وعدم تغير المعنى يدل على أنه لا قلب، وأما اشتراط كون الثاني معرفة ليقام؛ فلا أثر له إذ لا فرق بين المعرفة والنكرة.

ولا شك أن الأحسن إقامة الأول لأجل كونه فاعلا في المعنى؛ لأنك إذا قلت:

أعطيت زيدا درهما كأنك قلت: أخذ زيد درهما؛ فللمفعول الأول بالفاعل التباس من وجه، بخلاف الدرهم؛ فإنه مفعول من كل وجه فلا التباس له بالفاعلية.

ثانيها:

ذكر المصنف في إقامة الثاني من باب ظن مذهبين:

أحدهما: ما اختاره وهو الجواز إذا أمن اللبس ولم يكن جملة أو شبهها (١).

ثانيهما: المنع مطلقا يعني ولو كان مفردا، وقد ذكروا ثالثا وهو: جواز إقامته إذا كان معرفة ومنعها إذا كان نكرة (٢). ثم إن المانعين لإقامة الثاني اعتلوا بثلاث علل:

الأولى: أن أفعال باب ظن تدخل على المبتدأ والخبر، والمفعول الثاني هو خبر المبتدأ في المعنى؛ فلو أقيم مقام الفاعل لصار مخبرا عنه، وهذا باطل؛ لأن الخبر لا يكون مخبرا عنه.

الثانية: أن المفعول الثاني هو المظنون؛ فلو أقيم لتوهم لبس بأن المظنون هو -


- الثاني المعرفة. هل سيكون هو الآخر معرفة أو أنه سيكون نكرة وقد أورد صاحب التصريح هذه المسألة مفصلة فقال بعد أن ذكر المذاهب السابقة فيها: «وقيل يمتنع نيابة الثاني إن كان نكرة والأول معرفة، قاله الفارسي:
فلا يقال: أعطي درهم زيدا، ويتعين: أعطي زيد درهما؛ لأن المعرفة أحق بالإسناد إليها من النكرة، وحيث قيل بالجواز في الثاني؛ فقال البصريون: إقامة الأول أولى؛ لأنه فاعل معنى، وقيل: عن الكوفيين أنهم قالوا:
إن كان الثاني نكرة والأول معرفة، فإقامته قبيحة وإن كانا معرفتين استويا في الحسن» اه. شرح التصريح (١/ ٢٩٢)، وينظر: شرح الألفية للمرادي (٢/ ٣٤)، وقد اعتبر نقل هذا المذهب عن الفارسي غريبا.
(١) ينظر: التوطئة للشلوبين (ص ٢٥٠، ٢٥١)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٩١)، والبهجة المرضية (ص ٥١)، وشرح الألفية للمرادي (٢ /
٣٤).
(٢) ينظر: الهمع (١/ ١٦٢)، وأوضح المسالك (١/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>