للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[زمن الأمر]]

قال ابن مالك: (والأمر مستقبل أبدا).

ــ

التاء التي للغائبة والغائبتين والغائبات غير التاء التي للمخاطب؛ لأن هذه تدل على الخطاب، وتلك تدل على التأنيث عوضا من التاء الساكنة اللاحقة آخر الماضي؛ فهما إن اشتركتا لفظا فمدلولهما مختلف.

وتبين بهذا: أن التاء التي للمضارعة ثنتان: تاء خطاب وتاء تأنيث. وكذا يقال:

أنت تفعلين فالتاء لمحض الخطاب والتاء للتأنيث.

وأما الياء: فجعلت للغائب مطلقا، توفية للقسمة؛ لأن المتكلم خص بالهمزة، والمخاطب خص ببدل الواو، ولم يبق من حروف العلة إلا الياء، ولم يبق إلا الغائب فأعطيها.

ولما كان الفرق بين المفرد وضديه يحصل في المخاطب والغائب بالضمير، ولم يجعلوا في التكلم بين المفرد وضده ضميرا للفرق، أتي بالنون؛ لتدل على المتكلم غير المفرد (١)، وكانت النون أولى من غيرها؛ لما بينها وبين أحرف العلة من الشبه؛ لأنها تدغم في الياء والواو، وتبدل منها الألف، ولهذا أعربت الأمثلة الخمسة بها عند تعذر الحركات وتعذر أحرف العلة.

قال ناظر الجيش: لما تقرر أن الأفعال ثلاثة، وأن مدلول الفعل حدث وزمان، وأن الأزمنة ثلاثة، شرع المصنف في ذكر صيغة صيغة، وما وضعت له من الأزمنة، وما يجوز أن يتجوز فيه من تلك الصيغ بالقرائن، فيستعمل مرادا به زمان آخر وما لا يجوز فيه ذلك، والكلام على هذا الموضع يستدعي ذكر مقدمة وهي أن يقال:

الكلام نوعان: خبر وإنشاء: والطلب نوع من الإنشاء. ومنهم من جعله خبرا -


(١) معناه: أنك تقول في المخاطب: أنت تقرأ، وفي مثناه: تقرآن، وفي جمعه: تقرؤون، وفي الغائب:
هو يقرأ، ويقرآن، ويقرؤون، وفيه بدأت المضارع بالتاء للمخاطب مطلقا والياء للغائب كذلك، وجعلت الفرق بين المفرد وضديه بالضمير؛ فهو في الواحد واحد مستتر، وفي المثنى ألف وفي الجمع واو، أما في المتكلم وضده فأنت لا تلحق ضميرا للفرق وذلك لأنك تقول: أنا أقرأ ونحن نقرأ. فلما لم يكن ضمير في آخر المضارع يفرق، جعل الفرق في أوله؛ فكان المتكلم بالهمزة وجمعه بالنون.
وهو تعليل عقلي قاله النحاة. ترى هل لاحظت العرب ذلك وهي تنطق؟ ما أعجب النحاة!.

<<  <  ج: ص:  >  >>