للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فـ «أتاك» الثاني توكيد للأول؛ فلذلك لك أن تنسب العمل لهما لكونهما شيئا واحدا في اللفظ والمعنى، ولك أن تنسبه للأول وتلغي الثاني، لفظا أو معنى، لتنزله منزلة حرف زيد للتوكيد؛ فلا اعتداد به على التقديرين؛ ولولا عدم

الاعتداد به، لقيل: أتاك أتوك أو أتوك أتاك (١)، وإلى هذا ونحوه أشرت بقولي: متفقان لغير توكيد؛ وفي قولي: بما تأخر؛ تنبيه على أن مطلوب المتنازعين لا يكون إلا متأخرا؛ لأنك إذا قلت: زيد أكرمته، ويكرمني، وزيد هل أنت مكرمه فيشرك، وزيد أنا مكرمه ومحسن إليه أخذ كل واحد من العاملين مطلوبه، ولم يتنازعا (٢)، ونبهت بقولي: غير سببي مرفوع؛ على أن نحو: زيد منطلق مسرع أخوه، لا يجوز فيه تنازع؛ لأنك لو قصدت فيه التنازع لأسندت أحد العاملين إلى السببي، وهو الأخ وأسندت [٢/ ٣٣٨] الآخر إلى ضميره، فيلزم عدم ارتباطه بالمبتدأ؛ لأنه لم يرفع ضميره ولا ما التبس بضميره ولا سبيل إلى إجازة ذلك؛ فإن سمع مثله حمل على أن المتأخر مبتدأ مخبر عنه بالعاملين المتقدمين عليه، وفي كل واحد منهما ضمير مرفوع، وهما وما بعدهما خبر عن الأول، ومنه قول كثير:

١٣٥٠ - قضى كلّ ذي دين فوفّى غريمه ... وعزّة ممطول معنّى غريمها (٣)

-


- وأوضح المسالك (١/ ١٦٣)، والأشباه والنظائر (٤/ ١٥٠).
والشاهد قوله: «أتاك أتاك اللاحقون»؛ حيث إن العامل الثاني هنا قد أتي به لتوكيد وتقوية العامل الأول، فليس ذلك من باب التنازع.
(١) في شرح الألفية للمرادي (٢/ ٦٢) ذكر أن بعض النحويين أجاز أن يكون هذا البيت من باب التنازع، فقال: «وأجاز بعضهم أن يكون منه، ويكون قد أضمر في أحد الفعلين مفردا، كما حكى سيبويه ضربني وضربت قومك» اه. وينظر: الكتاب (١/ ٧٩، ٨٠).
(٢) ينظر: شرح ابن عقيل (١/ ١٨٣)، والأشموني (٢/ ٩٨).
(٣) البيت في الطويل، وهو في: الإنصاف (١/ ٩٠)، والارتشاف (٩٦٧)، والتذييل (٣/ ١١٩، ١٢٠)، وتعليق الفرائد (١٤٤٩)، وابن يعيش (١/ ٨)، وشذور الذهب (ص ٥٠١)، والعيني (٣/ ٣)، والأشموني (٢/ ١٠١)، وأوضح المسالك (١/ ١٦٣)، والتصريح (١/ ٣١٨)، والأشباه والنظائر (٤/ ١٥١)، والهمع (٢/ ١١١)، وشرح الألفية للمرادي (٢/ ٦٣)، واللسان «غرم».
والشاهد قوله: «وعزة ممطول معنى غريمها»؛ حيث إن ابن مالك لم يعده من التنازع؛ لأنه شرط في الاسم المتنازع فيه أن يكون غير سببي مرفوع.
ويستشهد البصريون بالشطر الأول من هذا البيت على أن إعمال الثاني أولى؛ حيث إن «قضى»

<<  <  ج: ص:  >  >>