للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

استفيد عدم دخول الحرف من قوله: (عاملان من الفعل وشبهه) فإن الحروف العاملة ليست شبه الفعل؛ وإنما هي مشبهة بالفعل، وقيد ابن عصفور العوامل بكونها متصرفة تحرزا من «إنّ» وأخواتها، كما قال (١)، وليس بجيد؛ لأن العامل في هذا الباب قد يكون اسم فعل؛ قال الله تعالى: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (٢)، ولا شك أن أسماء الأفعال لا تتصرف.

ومنها: أن المعمول يكون مؤخرا عن العاملين، أو العوامل؛ فلا يجوز تقدمه ولا توسطه وهذا هو المشهور المعروف، وعليه إطباق النحاة، ولعله إجماع (٣)، وقد نقل عن الفارسي في قول الشاعر (٤):

١٣٥٣ - مهما تصب أفقا من بارق تشم (٥)

إنّ «من» زائدة و «بارق» في موضع نصب بـ «تشم»، ومفعول «تصب» -


(١) لم أعثر لابن عصفور على هذا التقييد الذي ذكره الشارح هنا في باب التنازع، لا في المقرب، ولا في شرح الجمل؛ إنما الذي قيده ابن عصفور؛ بكونه متصرفا، أو ما جرى مجراه، هو العامل في باب الاشتغال، ينظر: المقرب (١/ ٨٧)، وشرح الجمل (١/ ٣٦١) ط. العراق، وقد ذكر أبو حيان أيضا أن ابن عصفور يشترط في العاملين، كونهما متصرفين تحرزا من إنّ وأخواتها، ينظر: التذييل (٣/ ١١٣).
وأقول: قد يكون ابن عصفور ذكر ذلك في موضع آخر، لم أتمكن من الوصول إليه، وقد يكون ناظر الجيش هنا، قد اكتفى بالاطلاع على ما ذكره أستاذه أبو حيان، فأثبته في كتابه الذي بين أيدينا، وهذا ما أرجحه؛ لأن ابن عصفور استدل على إعمال الثاني كما يرى البصريون بقوله تعالى: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ، وهي الآية التي رد بهما الشارح هنا رأي ابن عصفور في تقييده العامل بالتصرف، ينظر: شرح الجمل (١/ ٦١٥) طبعة العراق.
(٢) سورة الحاقة: ١٩.
(٣) ينظر: التصريح (١/ ٣١٨)، والبهجة المرضية (ص ٥٦)، وشرح ابن عقيل (١/ ١٨٣)، وشرح التسهيل للمرادي (١/ ٥٨٨).
(٤) هو ساعدة بن جؤبة أخو كعب بن كاهل بن الحارث، وهو شاعر مخضرم.
(٥) عجز بيت من البسيط وصدره:
قد أوبيت كلّ ماء وهي ظامية
وينظر: التذييل (٣/ ١١٨)، والمغني (١/ ٣٣٠)، وشرح شواهده (٢/ ٧٤٣)، والتصريح (١/ ٣١٨) والهمع (٢/ ٥٧)، والدرر (٣/ ٧٣)، وشرح التسهيل للمرادي (١/ ٥٨٨)، وقد استشهد الفارسي بهذا البيت على جواز توسط المعمول بين العاملين، كما استشهد به على مجيء «مهما» حرفا، واستشهد به بعض النحويين على مجيئها ظرفا للزمان، ينظر: الإيضاح للفارسي (ص ١٧٣).
اللغة: البارق: السحاب ذو البرق. تشم: من شام البرق يشيمه، أي: نظر إليه ليعرف أين يمطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>