للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يتضمن إلا الصوت، فلم يحسن أن يجعل بدلا من اللفظ بصوت، ومع ذلك فالنصب جائز على ضعف؛ لأن الكلام الذي قبله وإن لم يتضمن اسم ما هو فاعل في المعنى؛ فكونه جملة متضمنة الصوت كاف، فإنك إذا قلت: فيها صوت، علم أن فيها مصوتا، لاستحالة صوت بلا مصوت، ولو كان المصدر غير دال على حدوث لم يجز النصب كقولك: له ذكاء ذكاء الحكماء؛ لأن نصب صوت وشبهه لم يثبت إلا لكون ما قبله بمنزلة [٢/ ٣٧٤] يفعل مسند إلى الفاعل، فقولك: مررت بزيد وله صوت بمنزلة قولك: مررت به وهو يصوت، فاستقام نصب ما بعده لاستقامة تقدير الفعل في موضعه، وإذا قلت: مررت بزيد، وله ذكاء - فلست تريد أنك مررت به وهو يفعل، لكنك أخبرت

عنه بأنه ذو ذكاء، فنزل ذلك منزلة مررت به، وله يد يد أسد، فكما لا ينصب يد أسد، لا ينصب ما هو بمنزلته، فإن عبرت بالذكاء عن عمل دال على الذكاء جاز النصب (١). وإن وقع موقع المصدر المشار إليه صفته ضعف النصب ورجح الإتباع كقولك: له صوت أي صوت، ولو نصب لجاز على تقدير:

يصوت أي تصويت، ومنه قول رؤبة بن العجاج:

١٤٥٢ - قولك أقوالا مع التّحلاف ... فيه ازدهاف أيّما ازدهاف (٢)

ولم يضمن المصدر الذي تضمنته الجملة من إضمار فعل لعدم صلاحية العمل، فإن شرط عمل المصدر إذا لم يكن بدلا من اللفظ بالفعل صلاحية تقديره بحرف مصدري وفعل، والمصدر المشار إليه بخلاف ذلك. فلو تضمنت الجملة ما فيه معنى الفعل والصلاحية للعمل، لكان هو العامل نحو: هو مصوّت تصويت حمار، ومن هذا ونحوه احترزت بقولي: (دون لفظ ولا صلاحية للعمل فيه)، ويلحق بـ «له صوت صوت حمار» قول أبي كبير الهذلي:

١٤٥٣ - ما إن يمسّ الأرض إلا منكب ... منه وحرف السّاق طيّ المحمل (٣)

-


(١) ينظر: الكتاب (١/ ٣٥٥، ٣٥٦)، وشرح الألفية للمرادي (٢/ ٨٥، ٨٦)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ١٠٦)، والأجوبة المرضية للراعي الأندلسي (ص ٢١٩، ٢٢٠).
(٢) الرجز في الكتاب (١/ ٣٦٤)، والتذييل (٣/ ٢٤٥) برواية (فيها ازدهاف). وتعليق الفرائد (١٥٠٧)، والخزانة (١/ ٢٤٤)، وديوان رؤبة (ص ١٠٠)، واللسان «زهف».
اللغة: الازدهاف: الكذب. والشاهد فيه: نصب (إيّما) على إضمار فعل دل عليه ما قبله.
(٣) تقدم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>