للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عرفت حكمهما قبل الجملة التامة ما هو، ومن القائلين بالمذهب الأول ابن السراج والفارسي (١)، وأما المذهب الثاني فهو لبعض الكوفيين، والمذهب الثالث مذهب طائفة من البصريين منهم الزجاج ونسب إلى الأخفش. وأما المذهب الرابع فهو مذهب الكوفيين (٢)، وقد عرفت أنه مختار المصنف، وتقدم توجيهه، وقد ضعف هذا المذهب بشيء وهو: قول العرب: ما رأيته مذ أن الله خلقه، فإنه روي بالفتح والكسر (٣)، قلت: وسيأتي الكلام في هذه المسألة، وفي شرح الشيخ: قال بعض أصحابنا: والصحيح مذهب الفارسي وابن السراج من وجهين: -

أحدهما: أنهما مفردان لم يعطف عليهما غيرهما، كما أن الأمد وأول الوقت كذلك، فكان الحكم لهما بحكم ما يساويهما في الإفراد أولى، وليس كذلك بيني وبين لقائه؛ لأنهما اسمان منصوبان على الظرفية معطوف أحدهما على الآخر.

الوجه الثاني: تقديرهما ببين في بعض الصور لا يتصور، وذلك إذا قلت مثلا يوم الأحد: ما رأيت زيدا مذ يوم الجمعة؛ فليس بينك وبين لقائه يوم الجمعة (٤)، بل قدر من الزمان أوله يوم الجمعة وآخره الوقت الذي أنت فيه، ولا يقدر بيني وبين لقائه يوم الجمعة وما بعده إلى الآن؛ لأن فيه حذف حرف العطف والمعطوف وهو قليل، وأيضا فلم يصرحوا بهذا المعطوف المقدر في موضع ما؛ فدل على عدم إرادته (٥). انتهى.

ولا يخفى ضعف هذا الاستدلال، ولا سيما ضعف الوجه الأول، ثم على تقدير صحة الوجهين المذكورين. إنما يلزم من ذلك بطلان قول من يجعلهما - أعني «مذ ومنذ» - خبرين، أما من يجعلهما ظرفين، وقد حذف رافع ذلك الاسم، فيكون -


- (ص ٢٣٤، ٢٣٥)، والمغني (١/ ٣٣٥).
(١) ينظر: الأصول لابن السراج (٢/ ١١٣)، والإيضاح للفارسي (ص ٢٦١).
(٢) ينظر: شرح الكافية للرضي (٢/ ١١٨)، والهمع (١/ ٢١٦)، والأشموني (٢/ ٢٢٧، ٢٢٨)، والزجاج وأثره في النحو (ص ٢٣١).
(٣) في شرح الجمل لابن بابشاذ (١/ ٢٤٢): «وقال أبو القاسم الزجاجي: يرتفع اليومان بالابتداء ومذ خبره، وحجته حمل الكلام على معنى آخر وهو تقديره بالبين كأنه قال: بيني وبين لقائه يومان، وليس هذا التقدير بصحيح، والدليل على ذلك أنك تقول: ما رأيته مذ أن الله خلقه، فلو كان ما بعده مرتفع بالابتداء لكانت «أنّ» المفتوحة تقع مبتدأ، وهذا لا يجوز، لأن «أنّ» المفتوحة إنما تقع خبرا ولا تقع مبتدأ». ا. هـ.
(٤) في (ب): (إلا يوم الجمعة).
(٥) التذييل (٣/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>