للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذلك أن الطريق من الظروف المختصة؛ لأنه واقع على المحجة السالكة، ولا يقال لمن مشى في الدار أو المسجد أو في أرض متملكة: مشى في الطريق إنما يقال:

مشى في غير الطريق، وكذلك من مشى في الأرض الغامرة والجبال الشامخة يقال فيه: مشى في غير الطريق، وقد ادعى ابن الطراوة أن الطريق مبهم بناء منه على أن كل مكان يستطرق فيه فهو طريق (١)، قال ابن أبي الربيع: إن ابن الطراوة ذكر ذلك في الإفصاح الذي وضعه لبيان غلط الإيضاح على زعمه، واستدل عليه بغير دليل ولجأ من [٢/ ٤٥٦] الكلام إلى غير حصين، ثم قال: والله تعالى يسدد أذهاننا ويزيل عنا التبجح بالرد على من تقدمنا من أئمتنا، فذاك أكبر داء وأعظم حجاب لمن أراد التعلم، وهذا الشاعر يصف رمحا، واللدن: اللين، ويعسل: يضطرب.

وقال: متنه لأنه إذا اضطرب متنه فما ظنك بطرفيه.

ومنها: أن من جملة الأمثلة التي مثل بها المصنف لما دل على مسمى إضافي محض أربعة ألفاظ وهي قوله:

كجنابتي في قول العرب: هما خطان جنابتي أنفها وكجنبي في قول الشاعر: -

١٥٨٠ - جنبي فطيمة لا ميل ولا عزل (٢)

وكأقطار في قولهم: قومك أقطار البلاد، وكمساليه في قول الشاعر: -

١٥٨١ - مساليه عنه من وراء ومقدم (٣)

فأما كجنابتي المد رواه الجرمي كجنبتي، وحاصله أن الجنبة والجنابة بمعنى واحد وهو الناحية، ولهذا كان النصب في الكلمة قياسا؛ لأنها مبهمة، كأنه قال:

ناحيتي أنفها والناحية مبهم، والتخصيص الذي يحصل لها إنما هو عارض حصل من ألف ولام أو إضافة، وهذا الاختصاص لا اعتبار به؛ لأن الكلمة مبهمة بالوضع، فعروض الاختصاص لها لا يخرجها عن الإبهام كما في نحو أمامك وخلفك وفوقك وتحتك، فإنها كلمات محكوم بإبهامها مع إضافتها إلى ما يفيد تخصيصا. وقد جعل الفارسي وابن جني النصب في هذه الكلمة على غير القياس؛ -


(١) ينظر: ابن الطراوة وأثره في النحو (ص ٨٩، ٩٠).
(٢)،
(٣) تقدم ذكرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>