للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

متصلا، على أن يراد بالعباد: المخلصون وغيرهم (١)، والانقطاع مذهب ابن خروف والاتّصال مذهب الزّمخشريّ (٢).

ومنها قوله تعالى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ (٣). على إرادة:

لا من يعصم من أمر الله إلّا من رحمه الله، وهو أصحّ الوجوه والتقدير: لا عاصم اليوم من أمر الله لأحد، أو تقول: العاصم يستدعي معصوما فكان بمنزلة المذكور، كأنّه قيل: لا معصوم عاصم من أمر الله إلّا من رحمه الله، وفي هذه الآية الكريمة أربعة أوجه:

وجهان على الاتصال؛ أي: لا عاصم إلا الراحم، ولا معصوم إلّا المرحوم.

ووجهان على الانفصال؛ أي: لا عاصم إلا المرحوم، ولا معصوم إلا الرّاحم.

ومنها: المستثنى السابق زمانه زمان المستثنى منه كقوله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ (٤) فـ ما قَدْ سَلَفَ وإن لم يكن داخلا في المنهيّ عن نكاحه فمن الجائز أن تكون المؤاخذة به باقية، فبين بالاستثناء عدم بقائها فكأنه قيل: الناكح ما نكح أبوه مؤاخذ بفعله إلا ما قد سلف.

ومنها: قولهم: لأفعلنّ كذا وكذا إلا حل ذلك أن أفعل كذا وكذا. مثّل به سيبويه ثمّ قال: فإنّ (أفعل كذا وكذا) بمنزلة فعل كذا وكذا (٥)، وهو مبني على (حل) و (حل) مبتدأ كأنه قال: ولكن حلّ ذلك أن أفعل كذا وكذا.

قال السّيرافي: (إلا) بمعنى (لكن)؛ لأنّ ما بعدها مخالف لما قبلها وذلك أنّ قوله: (لأفعلنّ كذا وكذا) عقد بين عقده على نفسه وحلّه إبطاله، ونقضه كأنّه قال: عليّ فعل كذا مقصودا لكن إبطال هذا العقد فعل كذا (٦).

قال المصنّف: وتقدير الإخراج في هذا أن يجعل قوله: (لأفعلنّ كذا) بمنزلة: لا -


(١) ينظر: البحر المحيط لأبي حيان (٥/ ٤٥٢).
(٢) ينظر في بيان مذهبي ابن خروف، والزمخشري: الهمع (١/ ٢٢٣)، والاستغناء في أحكام الاستثناء (٤٧٤).
(٣) سورة هود: ٤٣.
(٤) سورة النساء: ٢٢، وينظر الهمع (١/ ٢٢٣)، وشرح ألفية ابن مالك لابن الناظم (٢٢٨)، تحقيق د/ عبد الحميد السيد، دار الجيل - بيروت.
(٥) الكتاب (٢/ ٣٤٢).
(٦) ينظر: المساعد لابن عقيل (١/ ٥٥١)، وشرح السيرافي (٣/ ١٢٢ / ب)، المخطوط (رقم ١٣٧) نحو بدار الكتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>