للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على أنّ المصنف قد اعتذر عن انفصال الضمير بعد (إلّا) بما ليس بالقوي (١)، وقد ذكروا - في هذا المذهب - أنّه ليس لنا حرف ينصب فقط، وإنّ الحرف العامل في الاسم حقّه أن يعمل ما اختصّ الاسم به وهو الجرّ (٢).

وأمّا المذهب الثاني: وهو أنّ العامل ما قبل (إلّا) بواسطة (إلّا) فهو أقوى المذاهب المذكورة، وأرجحها (٣) وهو رأي الجمهور (٤)، وعزاه جماعة إلى سيبويه (٥)، ونظّروه بالمفعول معه، فإنّ العامل فيه ما قبل الواو، وبواسطتها، وهو الصحيح (٦)، وقد ردّه المصنّف بصحة تكرير الاستثناء، نحو: قبضت عشرة إلّا أربعة إلّا درهما إلّا ربعا، إذ لا فعل في المثال المذكور - إلّا (قبضت)، فإذا جعل معدّى بـ (إلّا) لزم تعديته إلى الأربعة بمعنى الحطّ، وإلى الدّرهم بمعنى الجبر، وإلى الرّبع بمعنى الحطّ، وذلك حكم بما لا نظير له، فإنّه استعمال فعل واحد، معدّى بحرف واحد، على معنيين متضادين». اه (٧).

والجواب: أنّ (إلّا) - في هذا الكلام - ليست بمعنى الحطّ فقط؛ وإنما جاء إدخال الدرهم في الحكم، من جهة أنه مستثنى [٣/ ٣٣] من منفيّ فهو مثبت، فـ (إلّا) حطته من الأربعة الخارجة، فلزم دخوله في الحكم لذلك (٨)، ومما ردّ به المصنف هذا المذهب قولنا: قاموا إلا زيدا إلّا عمرا، فإنّ الثاني موافق للأول، في المعنى، فإن جعلا منصوبين بالفعل، معدّى إليهما بـ (إلّا) لزم من ذلك عدم النظير؛ إذ ليس في الكلام فعل معدّى بحرف واحد، إلى شيئين، دون عطف، فوجب اجتنابه». اه (٩). -


- ديوان الهذليين (١/ ١٥٩)، وشرح التصريح (١/ ١٠٥)، وفي ديوان أبي ذؤيب (ص ٣٣).
والشاهد فيه: اتصال الضمير - إياها - شذوذا، بواو المعية، والأصل ألا يتصل الضمير بها؛ لأنها ليست الناصبة بنفسها.
(١) شرح المصنف (٢/ ٢٧٥) وما بعدها.
(٢) ينظر: المقتصد في شرح الإيضاح للإمام عبد القاهر الجرجاني (٢/ ٧٠٠)، تحقيق د/ كاظم المرجان طبعة دار الرشيد - العراق.
(٣) ينظر في بيان سبب الترجيح: المقتصد في شرح الإيضاح (٢/ ٦٩٩، ٧٠٠)، وينظر في معارضيه: المساعد لابن عقيل (١/ ٥٥٦).
(٤)،
(٥) ينظر في ذلك: الهمع (١/ ٢٢٤).
(٦) ينظر: المقتصد في شرح الإيضاح (٢/ ٧٠٠).
(٧) ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص ٢٩٣)، حيث يرى هذا الرأي.
(٨) ينظر: الاستغناء في أحكام الاستثناء (١/ ١).
(٩) ينظر: شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>