للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها» فقال له العباس رضي الله عنه: «إلا الإذخر؟» فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إلّا الإذخر» (١). وقد يكون من هذا: «ما لعبدي المؤمن عندي جزاء، إذا قبضت صفيّه من أهل الدّنيا، ثم احتسبه إلا الجنّة» (٢) وعللّ قوم هذا النوع بعروض الاستثناء، قال ابن السّراج: فإن لم تقدّر البدل، وجعلت قولك: (ما قام أحد) كلاما، لا تنوي فيه الإبدال من (أحد) ثم استثنيت؛ نصبت، فقلت: ما قام أحد، إلا زيدا (٣).

قال المصنف - بعد ذلك -: فعلى هذا يكون للزوم النصب - بعد النفي سببان، التراخي، وعروض الاستثناء (٤). ومراده بلزوم النّصب لزوم اختيار النّصب؛ لأن النصب غير لازم وقوله: إبدالا عند البصريين، وعطفا عند الكوفيين إشارة إلى الخلاف في المستثنى، إذا جعل تابعا لما قبله، فمذهب البصريين أنه بدل، وقد نصّ عليه سيبويه (٥)، وعليه إشكالان:

أحدهما: أنّه بدل بعض وليس معه - في نحو: ما قام أحد إلا زيد - ضمير يعود على المبدل منه.

والثّاني: ما بينهما من التخالف فإنّ المبدل موجب، والمبدل منه منفيّ.

وأجابوا عن الأول بأن (إلّا) وما بعدها من تمام الكلام الأول، و (إلّا) قريبة مفهمة أنّ الثّاني قد كان يتناوله [٣/ ٣٥] الأول، فمعلوم أنّه بعض الأول، فلا يحتاج فيه إلى رابط بخلاف: قبضت المال بعضه. وأما الإشكال الثاني فأجاب السيرافي عنه بأن قال: هو بدل منه في عمل العامل فيه وتخالفهما بالنفي والإيجاب لا يمنع البدلية؛ لأن مذهب البدل فيه أن يجعل الأول كأنّه لم يذكر، والثاني في موضعه، وقد يخالف الصفة والموصوف نفيا وإثباتا، نحو: مررت برجل لا كريم -


(١) أخرجه البخاري في كتاب اللقطة (٣/ ١٢٥)، والديات (٩/ ٥)، وأخرجه مسلم في كتاب الحج (٩٨٦، ٩٨٨) وابن حنبل (١/ ٢٥٩، ٣١٨)، وقد قاله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في فضل مكة. والخلي:
النبات الرقيق ما دام رطبا، ويعضد: بمعنى يقطع، والإذخر: نبات عشبي له رائحة عطرة.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق (٨/ ٩٠).
(٣) الأصول لابن السراج (١/ ٢١٨).
(٤) شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٢٨٣).
(٥) ينظر الكتاب (٢/ ٣١١)، والهمع (١/ ٢٢٤)، والمغني (ص ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>