للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا يظهر أن التمييز في مثل: «زيد طيب نفسا» بعد جملة اسمية؛ لأنّ جزئي النسبة المميزة إنّما هما (طيب) والضمير المرتفع به وليس بجملة، وكذا «زيد أكثر مالا» وكأنّ الشيخ نظر إلى مجموع «زيد طيّب نفسا» وهو غير واضح، وأمّا «سرعان ذا إهالة» فالتمييز فيه بعد جملة اسمية، وإذا كان كذلك فلا يتجه أن يجعل قسيما للجملة الاسمية، كما ذكره.

ولمّا كان مميز الجملة عند المصنف هو المذكور بعد جملة فعلية أشار إلى أنّ العامل فيه هو الفعل بقوله: منصوب منها أي: من الجملة بفعل وأمّا على الذي يقرر في المميز المذكور فقد يكون العامل الفعل، وما حمل عليه كالمصدر والوصف واسم الفعل، وهذا مذهب سيبويه (١) والمازني (٢) والمبرد (٣) والزجاج (٤) والفارسي (٥).

وقال ابن عصفور: ذهب المحققون إلى أن العامل فيه الجملة التي انتصب عن تمامها، لا الفعل ولا الاسم الجاري مجراه واختاره ابن عصفور، واستدلّ على ذلك بقوله: «داري خلف دارك فرسخا» فهو منتصب عن تمام الكلام، وليس ثمّ فعل ولا ما يشبهه، وليس من قبيل المنتصب عن تمام الاسم؛ لأنّ الدار ليست الفرسخ، وكذلك الخلف؛ إذ الخلف ليس له مقدار يحصره، والفرسخ معلوم المقدار واستدلّ أيضا بأنه قد يكون في الكلام فعل، ولا يكون طالبا للتمييز نحو:

«امتلأ الإناء ماء» (٦).

ونازعه الشيخ في الدليلين؛ أما الأول: فيدّعي فيه أنّ التمييز منتصب عن تمام الاسم؛ لأنّ الخلف مبهم المسافة، وقوله: إن الخلف ليس بالفرسخ، أما من حيث المدلول والقطع عن هذا التركيب فصحيح. -


(١) ينظر: الكتاب (١/ ٢٠٤)، وفيه قال: «وقد جاء من الفعل ما قد أنفذ إلى مفعول ولم يقو قوة غيره ممّا قد تعدى إلى مفعول، وذلك قولك: امتلأت ماء، وتفقأت شحما».
(٢) ينظر: رأي المازني في التذييل (٤/ ٧٧)، وتوضيح المقاصد (٢/ ١٧٥).
(٣) ينظر: المقتضب (٣/ ٣٢).
(٤) ينظر: التذييل (٤/ ٧٨)، والهمع (١/ ٢٥١).
(٥) ينظر: الإيضاح للفارسي (ص ١٧٣) بتحقيق د/ كاظم المرجان.
(٦) لعل هذا كلام ابن عصفور في شرح الإيضاح، وينظر: في التذييل (٤/ ٧٨)، ويراجع المقرب (١/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>