للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

١٩٥٠ - ... فلمّا التقينا واحدين علوته (١)

ثم إنّ الشيخ أنكر على المصنف استدلاله بالحديث، وقال: إنّ علماء العربية الذين أثبتوا قوانينها، وقواعدها لم يبنوا الأحكام على ما ورد في الحديث (٢) قال:

وجاء الرجل متأخرا، في أواخر قرن سبعمائة، فزعم أنّه يستدرك على المتقدمين ما أغفلوه، وينبه الناس على ما أهملوه ولله درّ القائل: لن يأتي آخر هذه الأمة بأفضل ممّا أتى به أولها (٣). انتهى.

والمصنف لم يدّع الاستدراك على من تقدم لأنّه لم يقل: أغفل المتقدمون كذا وقد ذكرته، غايته أنّه ذكر حكما مستدلّا عليه بدليل فإن ثبت الدليل ثبت الحكم، وإن لم يثبت انتفى، ثمّ إنّ الله تعالى لم يحصر العلم في شخص، بل بثّه في الخلق أجمعين؛ لينال كلّ من الناس نصيبه من ذلك، فالمتقدم له فضل السبق والاختراع، والتدوين، وللمتأخر فضل التنقيح والتهذيب، وتقييد ما أطلق، وتفصيل ما أجمل واستدراك ما لعلّه فات الأول، وقد يدرك المتأخر ما لم يدركه المتقدم، كما أنّ المتقدم أدرك ما لم يدركه المتأخر.

وأما قول القائل: لن يأتي آخر هذه الأمّة بما أتى به أولها، فليس مرادا؛ ولكنّ المراد بذلك الأعمال الصالحة لا المسائل العلميّة والموجب للشّيخ أن يتكلم في حقّ المصنف بنحو هذا الكلام أنّه كان يرى تفضيل الجماعة كابن عصفور، وابن الضائع، وأندادهما من طلبة الشلوبين، على هذا الرجل، ولا شكّ أنّ هؤلاء أئمة وسادة، وقد وفّر الله تعالى نصيبهم في هذا الفنّ ولكنّ المصنف أيضا قد آتاه الله -


(١) البيت من الطويل ولم ينسب لقائل معين ولم أهتد إلى قائله وهو بتمامه:
فلما التقينا واحدين علوته ... ندى الكف أني للكماة ضروب
وهو في المساعد لابن عقيل (٢/ ٨٨):
فلما التقيا واحدين علوته ... بأبيض ماضي الشفرتين يمان
والشاهد: في قوله: «واحدين»؛ حيث هو مثنى (واحد) من لفظه؛ لأنه أريد بواحد الصفة، وينظر الشاهد أيضا في: التذييل والتكميل (٤/ ٢٥٥) والمزهر (٢/ ١٠٧) وكتاب: «ليس» لابن خالويه (ص ٤٣).
(٢) ينظر في ذلك: موقف النحاة من الاحتجاج بالحديث الشريف، تأليف الدكتورة: خديجة الحديثي، وزارة الثقافة بالعراق (ص ٣٦٧) وما بعدها.
(٣) ينظر التذييل والتكميل (٤/ ٢٥٩) حيث يظهر بعض تصرف ناظر الجيش في نقل عبارة أبي حيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>