للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثمّ قال: وإذا عبّرت بالعبارة الأولى قلت: ولا أرى واديا أقل به ركب منه بوادي السّباع، وعلى العبارة الثانية تقول: ولا أرى واديا أقلّ به ركب من وادي السباع، والثالثة هي عين ما ذكره في البيت (١). انتهى.

وهذا التقدير أسهل [من] تقدير المصنف وأقرب إلى الخاطر، وتجري به صور هذه المسألة على سنن واحد، والذي ذكره المصنف أكثر عملا، وأعلى نظرا ولكن قد يقال: إنّ قولنا: ما رأيت كزيد أبغض إليه الشرّ، وإن لم يذكر بعد المرفوع الظاهر فيه شيء لفظا، فهو مقدّر فيه، ولا شك أنّ المقدر في حكم الملفوظ، وحينئذ يستوي القسمان، أعني ما لم يقم فيه شيء مقام المحذوف، وما أقيم؛ فيكون القسمان واحدا إلا أن يمنع المصنف التقدير، فيقول: لا أقدّر شيئا لعدم الحاجة إليه، فيتمّ إذ ذاك بقسميه، ويرجح تقديره على تقدير غيره.

وأما عدم ذكر الضمير الذي قبل الظاهر لفظا استغناء بتقديره، فمثال قولهم:

ما رأيت قوما أشبه بعض ببعض من قومك؛ قدّره المصنف كما عرفت بـ: ما رأيت قوما أبين فيهم شبه بعض ببعض من شبه بعض قومك ببعض قومك، قال: فجعل «أشبه» موضع «أبين» واستغنى به عن ذكر الشبه المضاف إلى «بعض» ثم أكمل الاختصار بوضوح المعنى (٢).

قلت: وينبغي أن يكون التقدير في المثال المذكور: ما رأيت قوما أبين فيهم شبه بعض ببعض منه في قومك، ثم حذف الضمير المجرور بـ «من» العائد على الشبه وأدخلت «من» على «شبه»، فصار الكلام: من شبه بعض قومك ببعض، ثم حذف «شبه» و «بعض» وحذف متعلّق «شبه» أيضا وهو «ببعض» لحذف ما تعلق به، فباشرت «من» -


(١) في الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب (١/ ٦٦٢) - بعد هذا الكلام: - (و «أفعل» هنا «أقل» جرى لشيء وهو في المعنى لمسبّب هو «الركب»، مفضل باعتبار من هو له على نفسه باعتبار «وادي السباع» و «أتوه» صفة لـ «ركب» «تئية» إما مصدر على أصله لأنّ الإتيان قد يكون «تئية» أي بتوقف، وتحبس وقد يكون بغيره وإمّا مصدر في موضع الحال، أي متوقفين متلبسين، وإما غير هذا الباب الذي قيدناه من المسائل، فلا يجوز أن يرفع به الظاهر، بل يرتفعان جميعا على الابتداء والخبر، وتكون الجملة صفة الأول، كقولك: مررت برجل أفضل منه أبوه اهـ. فـ «أبوه» و «أفضل» مبتدأ وخبر والجملة صفة لـ «رجل» ولا يجوز الخفض صفة لرجل، ورفع «أبوه» بـ «أفعل») اهـ.
(٢) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٦٧)، والتذييل والتكميل (٤/ ٧٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>