للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قولك: ما رأيت أحدا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد، لو قلت بدله:

ما رأيت أحدا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد؛ لكان المعنى واحدا، بخلاف قولك في الإثبات: رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد؛ فإنّ إيقاع الفعل فيه موقع «أفعل» يغير المعنى (١). انتهى.

فقال الشيخ - بعد نقله هذا الكلام -: وهذا خطابه وليس معنى «أحسن» «يحسن» بل معناه: يزيد حسن الكحل في عينه على حسنه في عين زيد، وعلى تقديره بـ «يحسن» لا يفيد المعنى إلا من حيث أنّ الإيجاب يغاير النفي، ولو جاء ذلك في الإثبات لكان صحيح المعنى وتقديره: رأيت رجلا يحسن الكحل في عينه كحسنه في عين زيد، وهذا معنى صحيح لا ينكره عاقل. انتهى (٢).

وأقول: أما قوله: وليس معنى «أحسن» «يحسن»؛ فالمصنف لم يقل: معنى «أحسن» «يحسن» مقتصرا على ذلك، بل قال: المعنى: يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد، ولا شك أنّ هذا معناه يزيد حسن الكحل في عينه على حسنه في عين زيد. فمعنى «ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد» و «ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد» واحد، فنحن نفهم من قولنا: ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد؛ أنّ حسن الكحل في عين زيد زائد على حسنه في عين غيره، وإذا كان كذلك سقطت المناقشة التي ذكرها الشيخ.

وأمّا قوله: إنّ ذلك لو جاء في الإثبات لكان صحيح المعنى؛ فحق، لكن يكون المعنى المفهوم في صورة الإثبات غير المعنى المفهوم في صورة النّفي، وذلك أنّ المفهوم من قولنا: رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في

عين زيد؛ ثبوت المساواة بينهما في الحسن.

والمفهوم من قولنا: ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد؛ ثبوت زيادة الحسن في أحد المحلين على الآخر (٣)، ولا شكّ أنّ هذا الثاني هو -


(١) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٦٧).
(٢) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٧٦٣).
(٣) سبق ذكر هذا المفهوم في كلام الإمام بدر الدين بن مالك. ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص ٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>