للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هلّا امتنع بجمع التكسير العمل، كما امتنع بالتصغير، لاستوائهما في تغيير نظم الواحد، فالجواب: أنّ التصغير لم يمنع العمل، لتغيير نظم الواحد فحسب، بلّ لكونه مغيرا نظم الواحد، ومحدثا فيه معنى غير لائق بالفعل وهو معنى الوصفية، فإنّ معنى قولك: ضويرب: ضارب صغير، والجمع - وإن غير نظم الواحد - ليس محدثا (١) في المجموع معنى لا يليق بالفعل؛ لأن الجمع بمعنى العطف، فإنّ معنى قولك: ضرّاب: ضارب، وضارب، وضارب والعطف لائق بالفعل، فلذلك امتنع عمل اسم الفاعل بالتصغير دون التكسير، وأما التثنية وجمع التصحيح فحقيقان بأن يبقى العمل معهما؛ لأنّهما يساويان جمع التكسير في تضمّن معنى العطف، ويفوقانه بأنهما لم يغيرا نظم الواحد، ويساوي اسم الفاعل - في العمل بالشروط المذكورة، في إفراده وغيره - ما قصد به المبالغة، من موازن: فعّال، ومفعال، وفعول، كقول من سمعه سيبويه: أما العسل فأنا شرّاب (٢)، وكقول الشاعر:

٢١٦٥ - أخا الحرب لبّاسا إليها جلالها ... وليس بولّاج الخوالف أعقلا (٣)

وكقول رؤبة:

٢١٦٦ - كم رامنا من ذي عديد مبز ... حتّى وقفنا كيده بالرّجز

برأس دمّاغ رؤوس العزّ (٤)

-


(١) في الأصل: فليس تحدثا، والصواب ما أثبته.
(٢) ينظر: الكتاب (١/ ١١١) والشاهد في هذا القول: نصب «العسل» بصيغة المبالغة «شراب».
(٣) هذا البيت من الطويل، وقائله: القلاح بن حزن بن خباب التميمي، في ردّه على سوار بن حنان المنقري.
اللغة: أخا الحرب: الملازم للحرب المستعدّ لها، جلالها: جمع جل - بضم الجيم - ما يلبسه الفارس من السلاح، ولاج: دخال، أي: كثير الدخول، الخوالف: جمع خالفة، وهي عمود في مؤخرة البيت، أعقلا: الذي يضرب في مشيه من خوف أو وجع.
والمعنى: إذا حضر البأس والخوف، لم ألج البيت مستترا، بل أجاهر بالحرب، وأمضي ثابت القدم، غير مضطرب، ولا أتزعزع.
والشاهد فيه قوله: «لباسا إليها جلالها»؛ حيث أعمل «لباسا» - وهي صيغة مبالغة - عمل الفعل.
ينظر الشاهد في: العين للخليل (ص ١٨٢)، والكتاب (١/ ١١١)، والمقتضب (٢/ ١١٢)، والأشموني (٢/ ٢٩٦)، والدرر (٢/ ١٢٩).
(٤) هذه الأبيات من مشطور الرجز، وقائلها: رؤبة بن العجاج، كما نسبه المصنف (ابن مالك) وهو -

<<  <  ج: ص:  >  >>