للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الباب الثامن والثلاثون باب إعمال المصدر]

[علة إعمال المصدر - أحوال إعماله]

قال ابن مالك: (يعمل المصدر مظهرا، مكبّرا، غير محدود، ولا منعوت قبل تمامه، عمل فعله).

قال ناظر الجيش: لمّا أنهى المصنف الكلام على المشتقّات الأربعة المحمولة في أصل عملها على الفعل، شرع في ذكر عمل المصدر، والذي هو أصلها، وأصل الفعل.

فقال المصنف (١): إنّ المصدر يعمل، لا لشبهه بالفعل، بل لأنّه أصل، والفعل فرع، ولذلك لم يتقيد عمله بزمان، دون زمان، بل يعمل مرادا به المضيّ، أو الحال، أو الاستقبال؛ لأنه أصل لكل من الأفعال الثلاثة الدّالة على هذه الأزمنة، بخلاف اسم الفاعل، فإنّه يعمل لشبهه بالفعل المضارع، فاشترط كونه حالا، أو مستقبلا؛ لأنهما مدلولا المضارع، انتهى.

ولذلك لم يشترط في عمله الاعتماد أيضا، بخلاف المشتقات التي تعمل لشبه الفعل.

ثم قال المصنف (٢): ولما ترتب عمل المصدر على الأصالة، اشترط في كونه عاملا بقاؤه على صيغته الأصلية، التي اشتقّ منها الفعل، فلزم من ذلك ألا يعمل إذا غير لفظه، بإضمار، ولا بتصغير، ولا بردّه إلى فعله، قصدا للتوحيد، ولا بنعت، قبل تمام مطلوبه انتهى.

وسيتبين أنّ امتناع نعته، قبل تمامه إنّما هو لعلّة أخرى، لا لترتبه على الأصالة، وقد ذكر المصنف لإعمال المصدر شروطا أربعة، ويؤخذ من كلامه في الشرح شرط خامس ومجموع الشروط ستّة:

الأول: أن يكون مظهرا، فلا يقال: ضربك المسيء حسن، وهو المحسن [٣/ ١٦٢] قبيح، أي: ضربك المحسن؛ فإنّ

الضمير مباين للصيغة التي هي أصل الفعل، وهو إنما عمل بالأصالة، كما تقدّم، وكذا لو كان المتعلق مجرورا، أو ظرفا فلا يقال:

مرورك بزيد حسن، وهو بعمرو قبيح، هذا مذهب البصريّين (٣)، وأمّا الكوفيون -


(١) انظر شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ١٠٦).
(٢) المرجع السابق.
(٣) يراجع مذهب البصريين في منع إعمال ضمير المصدر في: التذييل والتكميل (٤/ ٩١٨)، منهج السالك (ص ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>