للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك على عهد كسرى، لأنه إذا كان في عهده كان العهد متحملا له، ومن هذا القبيل: جازاه على كذا، وعاقبه على كذا، وأساء إليه على كذا، وكل ما هو راجع إلى معنى المجازاة؛ لأن السبب الذي لأجله وقعت المجازاة هو الذي أوصل المجازاة وحملها إليه. ومنها قولهم: كرّ عليه، وعطف عليه ورجع عليه.

وجنى عليه، وكل ما هو راجع إلى معنى عطف؛ لأن من عطف على شيء فهو فوقه في الأشياء (المحسة) (١) فشبة في ذلك المعقول (بالمحس) (٢). هذا كلامه في شرح الإيضاح ثم أتبع ذلك بأن قال:

وزعم الكوفيون أن لها ستة معان خلاف ما ذكرناه: وهي معنى «عن»، ومعنى «اللام»، ومعنى «الباء» ومعنى «مع»، ومعنى «في»، ومعنى «من».

وأقول: هذه الستة هي التي ذكرها المصنف إلا أنه عبر عن معنى «عن» بالمجازاة وعن معنى «اللام» بالتعليل، وعن معنى «مع» بالمصاحبة وعن معنى «في» بالظرفية، وذكر «الباء ومن» بلفظهما. وأنا أشير إلى ما ذكره على الترتيب.

أما المصاحبة: فقد استدل المصنف عليها كما عرفت بقوله تعالى: وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ (٣) [و] وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ (٤)، والْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ (٥)، وفَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ (٦)، وأَ [وَ] عَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ [لِيُنْذِرَكُمْ] (٧)، وبالحديث الشريف: «وبشّره بالجنّة على بلوى تصيبه» ولك أن تدعي أن «على» في هذه الآيات الشريفة والحديث الشريف للاستعلاء وتقرير ذلك أن المستعلي على الشيء حائز لذلك الشيء متمكّن منه متصرف فيه كما يتصرف المالك في ملكه.

وعلى هذا فالآية الأولى: قصد فيها الإخبار بأن مؤتي المال يؤتيه مع أنه مستول على حب المال قد تمكن منه باستعلائه عليه، وهو مع ذلك لا يمنعه الاشتمال على حب المال من الإيتاء، وهذا منه تعالى ثناء عظيم، ومدح شريف. وأما الآية الثانية:

فالقصد فيها الإعلام بأن الله تعالى يغفر الذنوب مع اشتمال العباد على ظلم أنفسهم، -


(١) في الأصل: المحسوسة.
(٢) في الأصل: بالمحسوس.
(٣) سورة البقرة: ١٧٧.
(٤) سورة الرعد: ٦.
(٥) سورة إبراهيم: ٣٩.
(٦) سورة القصص: ٢٥.
(٧) سورة الأعراف: ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>