للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حينئذ بـ «إلى» فتقول: أكلت السمكة إلى وسطها، وسرت النهار إلى نصفه.

قال: فـ «إلى» في استعمالها لانتهاء الغاية أقعد من «حتى»؛ لأنها تدخل على كل ما جعلته انتهاء غاية، وسواء في ذلك أن يكون آخر جزء من الشيء أو ملاقيا لآخر جزء منه أو لا يكون، ولمّا كانت أقعد منها في ذلك جرّوا بها الظاهر والمضمر ولم يجروا بـ «حتى» إلا الظاهر. قال: وما بعد «حتى» لا يكون إلا داخلا في معنى ما قبلها إلا أن يقترن بالكلام قرينة تدل على خلاف ذلك (١). انتهى.

وكلام الخضراوي موافق لكلام ابن عصفور، ولهذا قال الشيخ: وما نقله - يعني المصنف - عن الزمخشري هو قول أصحابنا، ثم قال: «وما استدل به المصنف من قوله:

٢٥٦٤ - عيّنت ليلة فما زلت حتّى ... نصفها ... البيت

لا حجة فيه؛ لأنه لم يتقدم «حتى» [شيء] (٢) يكون ما بعدها جزءا له ولا يكون ما بعدها ملاقيا لآخر جزء منه في الجملة العامل فيها بـ «حتى» ليس المغيّا البيت نظير ما مثل به أصحابنا من قولهم: أكلت السمكة حتى وسطها؛ لأنه تقدم السمكة في الجملة المغيا العامل فيها بحتى، وليس الوسط آخر جزء في السمكة ولا ملاقيا لآخر جزء منها. فلو صرح في الجملة بذكر الليلة فقال: فما زلت راجيا وصلها تلك الليلة حتى نصفها؛ كان ذلك حجة على الزمخشري.

ونحن نقول: إذا لم يتقدم في الجملة المغياة بـ «حتى» ما يصلح أن يكون ما بعد «حتى» آخر جزء منه أو ملاقيا آخر جزء منه جاز أن تدخل على ما ليس بآخر جزء ولا ملاقي آخر جزء (٣). انتهى.

ولم يظهر ما قاله؛ لأن الشاعر وإن لم يصرح بذكر الليلة فمراده: فما زلت تلك الليلة. ولو لم يكن ذلك مراده لم يكن للضمير المضاف إليه النصف مفسر يعود عليه.

وقد قال المصنف: إن مجرور [٤/ ١٥] «حتى» بعض لما قبلها من مفهم جمع إفهاما صريحا، أو غير صريح، ومثّل لغير الصريح بقوله تعالى: لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٤).

والحاصل أنه: لا يلزم من عدم الذكر لفظا عدم الإرادة والتقدير. -


(١) مثل هذا في شرح الجمل له (١/ ٣٦٩).
(٢) للإيضاح.
(٣) التذييل (٧/ ٥٧ / ب).
(٤) سورة يوسف: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>