للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والحق أن يقال في حد القسم: إنه جملة إنشائية يؤتى بها لتوكيد جملة خبرية.

وذكر الشيخ عن النحاة حدّا قيد فيه الخبرية بكونها غير تعجبية (١)، وهذا لا يحتاج إليه؛ إذ التعجبية لا يصح وقوعها جوابا؛ لأن الجواب إذا كان جملة اسمية وجب اقترانها بـ «إن واللام»، أو بإحداهما. ولا شك أن الجملة التعجبية لا يجوز أن تغير عن هيئتها. وإذا كان كذلك امتنع أن يكون التعجب جواب قسم بذاتها فلا يحتاج إلى أن يحترز عنها. ويرادف القسم ثلاث كلمات أخر: وهي: الحلف والإيلاء واليمين. أما القسم فالفعل المستعمل منه إنما هو «أقسم»، وهو غير جار على القسم، ونظير ذلك في عدم الجريان على المصدر: أشبه وأثنى؛ فإنهما من الشبه والثناء، وأما الحلف والإيلاء فاستعمل منهما فعل جار قالوا: حلف وآلى، وأما اليمين فلم يستعمل منه فعل؛ لأنه ليس بمصدر في الأصل فيشتق منه وإنما هو اسم للجارحة، ثم سمي القسم يمينا؛ لأنهم كانوا إذا تحالفوا أكدوا بأيمانهم فيضرب كل واحد منهم بيمينه على يمين صاحبه تأكيدا للعقد حتى سمي الحلف يمينا.

وأما المقسم به: فهو كل اسم معظم، إما لعظمته في ذاته، وإما لكونه عند المقسم عظيما.

قال ابن عصفور: هذا إذا كان المقسم يريد تحقيق ما أقسم عليه ويثبته، فإن كان مقصوده الحنث فيما أقسم عليه؛ فإنه لا يقسم إلا بغير معظم وذلك نحو قوله:

٢٧٢٤ - وحياة هجرك غير معتمد ... إلّا ابتغاء الحنث في الحلف

ما أنت أحسن من رأيت ولا ... كلفي بحبّك منتهى كلفي (٢)

فأقسم بحياة هجرها، وهو غير معظم عنده؛ رغبة في أن يحنث فيموت هجرها (٣). قال: إلا أن القسم على هذا الطريق [٤/ ٣٩] يقل، فلا يلتفت إليه (٤).

إذا تقرر هذا فنقول: قسم المصنف القسم إلى صريح وغير صريح قال (٥): أما الصريح: فهو ما يعلم بمجرد لفظه كون الناطق به مقسما كـ: أحلف بالله، وأنا حالف بالله، ولعمر الله، وايمن الله، وغير الصريح: ما ليس كذلك نحو: علم -


(١) في التذييل (٧/ ١١٣): (فأما القسم فهو جملة يؤكد بها أخرى خبرية غير تعجبية).
(٢) البيتان من الكامل، وانظرهما في: الارتشاف (٢/ ٤٧٦) وشرح الجمل (١/ ٥٢٣).
(٣) شرح الجمل (١/ ٥٢٣) بالنص.
(٤) المصدر السابق.
(٥) انظر: شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ١٩٥) تحقيق د/ عبد الرحمن السيد ود/ محمد بدوي المختون.

<<  <  ج: ص:  >  >>