للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإعراب مضافة وغير مضافة بخلاف القسم الأول، فإنه أشبه الحرف لفظا؛ لعدم قبوله للأحوال المذكورة، ومعنى؛ لافتقارها إلى غيرها في بيان معناها. فكان مقتضى هذا أن تبنى أبدا، إلا أنها أشبهت الأسماء التامة الدلالة بأن أضيفت إضافة صريحة وإضافة في حكم الصريحة وبأن جردت تجريدا صريحا قصدا للتنكير فوافقتها في الإعراب فإذا قطعت عن الإضافة ونوي معنى الثاني دون لفظه أشبهت حروف الجواب في الاستغناء بها عن لفظ ما بعدها؛ فانضم ذلك إلى الشبهين المذكورين فبنيت. والمراد بكون الإضافة صريحة أن تكون في اللفظ والمعنى نحو:

وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ * (١)، والمراد بكونها في حكم الصريحة أن يحذف المضاف (إليه) (٢) ويبقى المضاف بحاله التي كان عليها قبل الحذف كقول الراجز:

٢٩٦٤ - قبل وبعد كلّ قول يغتنم ... حمدا لإله البرّ وهّاب النّعم (٣)

أراد: قبل كل قول؛ فحذف المضاف إليه وترك المضاف على حاله قبل الحذف - أعني النصب وترك التنوين - والمراد بالتجريد الصريح أن يقطع عن الإضافة لفظا ومعنى كقول الشاعر:

٢٩٦٥ - فساغ لي الشّراب وكنت قبلا ... أكاد أغصّ بالماء الحميم (٤)

وإياه عنيت بقولي: (إن نوي تنكيره). ولو كان في موضع جر لكسر كقراءة بعضهم: (لله الأمر من قبل ومن بعد) (٥) أي: أولا وآخرا. وجعل بعض العلماء «قبلا» معرفة. والتنوين عوضا عن المضاف إليه فبقي الإعراب مع العوض كما كان مع المعوض عنه، ثم قلت: (أو لفظ المضاف إليه) فأشرت بذلك إلى أنه إذا حذف المضاف إليه لظهور معناه ونوي لفظه لقوة الدلالة عليه ترك المضاف بإعرابه وهيئته -


(١) سورة يوسف: ١٠٩، وسورة النحل: ٤٣.
(٢) من هامش المخطوط.
(٣) رجز. وانظره في التذييل (٧/ ٢٣١).
(٤) من الوافر ليزيد بن الصعق، أو لابن يعرب، ويروي: «الفرات» بدل «الحميم». الأشموني (٢/ ٢٦٩، ٢٧٠)، والتصريح (٢/ ٥٠)، والخزانة (١/ ٢٠٤)، (٣/ ١٣٥)، وشرح المفصل (٤/ ٨٨)، والهمع (١/ ٢١٠).
(٥) وهي قراءة أبي السمال والجحدري وعون العقيلي. البحر المحيط (٧/ ١٦٢) والكشاف (٣/ ٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>