للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا شك أنه يحتاج إلى فرق بين قولنا أعجبني زيد ثوبه أو فرسه وبين قولنا: مررت بزيد أبيه. والذي يمكن أن يقال: قد تقرر أن من شرط صحة بدل الاشتمال صحة الاستغناء عنه بالمبدل منه وإذا كان كذلك فالذي لا تسبب له في ما يقتضي إستناد الإعجاب إليه كالعلم والثوب والفرس يصح فيه أن يكون بدل اشتمال لأن لو قلت:

أعجبني علم زيد أو فرسه أو ثوبه فهم منه أن لزيد مدخلا في الإعجاب، ولو قلت:

أعجبني أبو زيد وأخوه لا يفهم منه أن لزيد مدخلا في ذلك؛ لأن الأب والأخ كل منهما يصح أن يصدر منه [٤/ ١٤٥] ما يقتضي صحة إسناد الإعجاب إليه

والحاصل: أن الاستغناء بالمبدل منه عن البدل شرط لصحة بدل الاشتمال ولا يمكن الاستغناء المذكور إلا إذا كان المبدل منه لا تسبب له في حصول المعنى الذي دلّ عليه العامل فيه للبدل.

فإذا كان كذلك صح بدل الاشتمال كقولك:

أعجبني زيد علمه أو ثوبه أو فرسه، فإن الموجب لإعجاب هذه الثلاثة إنما هو اعتناء زيد وإصلاحه لها بخلاف قولك: أعجبني زيد أبوه - فإن صلاح الأب المقتضي للإعجاب لا مدخل لزيد فيه إنما الأب مستقل به.

وقال الشيخ بدر الدين ولد المصنف رحمهما الله تعالى: «بدل الاشتمال هو ما يدل على معنى في متبوعه أو يستلزم معنى في متبوعه - فالأول نحو: أعجبني زيد حسنه، وكقول الراجز:

٣٢٢٨ - وذكرت تقتد برد مائها ... وعتك البول على إنسائها (١)

والدال على ما يستلزم معنى في المتبوع كقولك:

أعجبني زيد ثوبه، وكقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ (٢)؛ لأن القتال في الشهر الحرام يستلزم معنى فيه وهو ترك تعظيمه، وكذا قوله تعالى:

وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ (٣) فإن وقت الانتباذ وما عقبه يستلزم معنى -


(١) البيت انظره منسوبا لأبي وجزة السعدي في العيني (٤/ ١٨٣) وفرحة الأديب (١٥ / ب) ومعجم البلدان (تقتد) وبغير نسبة في الكتاب (١/ ٧٥).
(٢) سورة البقرة: ٢١٧.
(٣) سورة مريم: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>