للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِنْها زَوْجَها (١) ومعلوم أن جعل زوج آدم منه إنما كان قبل خلقنا، وبقوله تعالى:

وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ (٢) ومعلوم أن أمر الملائكة بالسجود لآدم إنما كان قبل خلقنا وتصويرنا فدل ذلك على أن ثم بمنزلة الواو.

والجواب عن ذلك: أما قوله تعالى: ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها فالفعل الذي هو جَعَلَ معطوف على ما في وحدة: من معنى الفعل كأنه قيل من نفس وحدت أي أفردت ثم جعل منها زوجها، وأما قوله تعالى: ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فمعطوف على خَلَقْناكُمْ إلا أن الكلام محمول على حذف مضاف لفهم المعنى كأنه قيل: ولقد خلقنا أباكم ثم صورنا أباكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم.

ومما يدل على فساد هذا المذهب امتناع اختصم زيد ثم عمرو ولو كانت ثم بمنزلة الواو لجاز ذلك كما جاز اختصم زيد وعمرو (٣). انتهى كلام ابن عصفور - رحمه الله تعالى -.

والظاهر أن الترتيب في مثل عفا مكان كذا فكذا ونزل المطر بمكان كذا فكذا إنما هو بالنظر إلى الذكر، أي الإيراد بمعنى أن المتكلم قصد إلى أن يوردها مترتبة بهذا الترتيب الخاص. ثم إنه ذكر في شرح الإيضاح أدلة أخر استدل بها القائلون بأن الفاء لا تقتضي الترتيب وهي قوله تعالى: فَتَعاطى فَعَقَرَ (٤)، وثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (٥)، وفَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها (٦)، وقوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٧) بعد قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ

أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (٨) وقوله تعالى: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ (٩) ... الآية. قال: ومن ذلك قول الشاعر: -


(١) سورة الزمر: ٦، وفي الأصل هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها وهو خطأ وتحريف إذ خلط بين هذه الآية وبين آية الأعراف (١٨٩) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها والعطف في الأخيرة بالواو كما ترى.
(٢) سورة الأعراف: ١١.
(٣) شرح الجمل (١/ ٢٣٢).
(٤) سورة القمر: ٢٩.
(٥) سورة النجم: ٨.
(٦) سورة الشمس: ١٤.
(٧) سورة الزلزلة: ٧، ٨.
(٨) سورة الزلزلة: ٦.
(٩) سورة المائدة: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>