للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا شك أن في المسألة للنحاة مذهبين. أحدهما: ما اختاره المصنف. والآخر:

أن تعريف مثل ذلك بأل وأنها حذفت وناب حرف النداء منابها. قال ابن عصفور:

لأن الخطاب لا يعرّف. ألا ترى أنك تقول: أنت رجل قائم فتخاطبه ويبقى الاسم بعد ذلك نكرة. انتهى.

ولا يخفى ضعف هذا الاستدلال؛ لأن النكرة لم يخاطب بها. ومسألة النداء إنما هي النكرة المخاطب بها لأنك إذا قلت: يا رجل، فكأنك قلت: يا أنت. وقد رد ابن الضائع قول من قال إن التعريف بأل بأن تعريف «أل» بالعهد، وإذا قلت:

يا أيها الرجل فلا عهد فيه. قال: فإن زعم القائل بذلك أن أل للحضور فالحضور هو المعرف وهو معنى قول من قال إنه تعرف بالخطاب (١).

ومنها: أن الكوفيين (٢) يخالفون البصريين في جواز نداء النكرة غير المقبل عليها ويزعمون أن النكرة غير المقبل عليها لا تكون في النداء إلّا موصوفة نحو: يا رجلا ذاهبا، أو صفة في الأصل حذف موصوفها وخلفته نحو: يا ذاهبا.

فمن مجيء النكرة الموصوفة قول القائل:

٣٤٠٧ - أدارا بحزوى هجت للعين عبرة ... فماء الهوى يرفضّ أو يترقرق (٣)

فالنكرة المناداة موصوفة بحزوي. وقول الآخر:

٣٤٠٨ - ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة الله السّلام (٤)

فنخلة موصوفة بقوله «من ذات عرق»، وقول الآخر:

٣٤٠٩ - لعلّك يا تيسا نزا في مريرة ... معذب ليلى أن تراني أزورها (٥)

فالجملة في موضع صفة المنادى. ومن مجيء النكرة التي هي صفة قول القائل:

٣٤١٠ - أيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن ... نداماي من نجران أن لا تلاقيا (٦)

-


(١) شرح الجمل لابن الضائع (٦٣).
(٢) عزاه البغدادي إلى الكسائي والفراء - الخزانة (١/ ٣١٣).
(٣) من الطويل لذي الرمة - ديوانه (١/ ٤٥٦)، والتصريح (٢/ ٢٨٠)، والحلل (ص ١٩١)، والكتاب (١/ ٣١١)، والمقتضب (٤/ ٢٠٣).
(٤) تقدم في باب عطف النسق.
(٥) من الطويل لتوبة بن الحمير - الكتاب (١/ ٣١٢)، والمقتضب (٤/ ٢٠٣)، والنوادر (ص ٧٢).
(٦) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>