للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعلى هذا يكون لـ «أن» ثلاثة أحوال: وجوب إضمار، وجواز إظهار وإضمار، ووجوب إظهار، هذا الذي ذكر هو مذهب البصريين، وقد خالفهم الكوفيون فمنعوا أن تكون «كي» ناصبة وجعلوا النصب بإضمار «أن» بعدها، ولم يضمروا «أن» بعد «حتى» ولا «لام الجحود»، ولا «الفاء» و «الواو» في الأجوبة الثمانية، بل مذهبهم أن النصب بـ «حتى» و «اللام» أنفسهما، وبالخلاف بعد «الفاء» و «الواو»، والمنقول عن الجرمي أنه يرى أن «الفاء» و «الواو» هما الناصبان أنفسهما، وسيأتي الكلام على هذه المذاهب في تفاصيل الباب إن شاء الله تعالى.

وقد تبيّن أن الأحرف التي ينصب الفعل بعدها بـ «أن» مضمرة وجوبا أو جوازا منها ما هو حرف جر وهو ثلاثة: «اللام»، و «كي»، و «حتى»، ومنها ما هو حرف عطف وهو: «أو»، و «الفاء»، و «الواو».

ثم لما كانت «أن» المخففة مشابهة لـ «أن» الناصبة للفعل لفظا قصد المصنف تمييز إحداهما من الأخرى فأشار إلى ذلك بقوله: ما لم تل علما أو ظنّا في أحد الوجهين فتكون مخفّفة من «أنّ».

وتقرير ذلك أن يقال: إن وليت علما لم تكن الناصبة بل المخففة، والمراد بالعلم، ما يفهم التحقق، فيستوي في ذلك: علم، وتحقق، وتيقن، ووجد ودرى إذا كانتا بمعنى «علم»، وإن وليت «ظنّا» جاز أن تكون المخففة وأن تكون الناصبة للفعل، والمراد [بالظن]: ما يفهم الترجح كـ: «ظن»، و «حسب»، و «خال» و «رأى»، ولكن الأكثر فيها أن تكون الناصبة لا المخففة ولذلك اتفق على النصب (١) في قوله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا (٢)، وقرئ بالوجهين (٣) قوله تعالى: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ (٤).

وإن وليت ما لا يفهم علما ولا ظنّا تعين أن تكون الناصبة للفعل وذلك بأن تلي -


(١) انظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص ٦٦٨) تحقيق د/ عبد الحميد السيد.
(٢) سورة العنكبوت: ٢.
(٣) قرأه أبو عمرو وحمزة والكسائي برفع «تكون» ونصب الباقون. انظر: الكشف (١/ ٤١٦)، والحجة لابن خالويه (ص ١٣٣)، وانظر شرح ابن الناظم (ص ٦٦٨).
(٤) سورة المائدة: ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>