للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

٣٧٧٨ - نرضى عن الله أنّ النّاس قد علموا ... أن لا يدانينا من خلقه بشر (١)

وحمل المصنف ذلك على الشذوذ والندور (٢)، لكن قال الإمام بدر الدين بعد ذكر مذهب الفراء وابن الأنباري في

هذه المسألة (٣): وهو مذهب حسن لأنه قد جاء به السماع ولا يأباه القياس.

وأشار المصنف بقوله: غير مؤوّل إلى أن «أن» الناصبة للفعل يجوز وقوعها بعد لفظ العلم إذا كان مؤولا بغيره، كقولك: علمت أن تقوم؛ بالنصب، على تأويل «علمت» بـ «ظننت» كما سيأتي ذكر هذه المسألة، وقال المصنف في شرح الكافية (٤): وقد أجاز سيبويه (٥) أن يقال: ما علمت إلا أن تقوم؛ بالنصب، قال:

لأنه كلام خرج مخرج الإشارة فجرى مجرى قولك: أشرت عليك أن تقوم. انتهى.

وقد استدل على أن العلم قد لا يراد به القطع بقوله تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ (٦)، قالوا: المراد بالعلم هنا الظن القوي؛ لأن القطع بإيمانهن غير متوصل إليه (٧).

وأقول: إن في الاستدلال بذلك نظرا؛ لأن الشرع الشريف جعل مناط الحكم بالإيمان النطق باللسان فمن نطق بلسانه بالشهادتين أجري عليه حكم الإيمان ويقال فيه: إنه معلوم الإيمان وإننا علمنا إيمانه؛ لأن ما في القلب لا يمكننا الاطلاع عليه ولم نكلف إلا بما في وسعنا، فمن نطق بكلمة الإيمان كنا عالمين إيمانه ولو لم يكن إيمانه معلوما ما جاز أن نشهد بإيمانه؛ لأن الشهادة إنما تكون عن يقين لا عن ظن.

الحكم الرابع: أنه يجوز إجراء «أن» بعد العلم مجراها بعد الظن لتأوله به، وإجراؤها بعد الخوف مجراها بعد العلم لتيقن المخوف، فمثال الأول: علمت أن -


(١) هذا البيت من البسيط وهو لجرير.
الشرح: قوله «نرضى عن الله» يعني نثني عليه ونشكره. وقوله: «أن لا يدانينا» أي يقاربنا في المفاخر، وفيه الشاهد حيث نصبت «أن» المضارع مع وقوعه بعد العلم شذوذا، والبيت في الهمع (٢/ ٢٢)، والدرر (٢/ ٢)، والأشموني (٣/ ٢٨٢) وديوان جرير (ص ٢٦١).
(٢) انظر: شرح الكافية الشافية (٣/ ١٥٢٥).
(٣) انظر: شرح التسهيل لبدر الدين (٤/ ١٣).
(٤) انظر: شرح الكافية الشافية (٣/ ١٥٢٥) وقد نقله بتصرف.
(٥) انظر: الكتاب (٣/ ١٦٨).
(٦) سورة الممتحنة: ١٠.
(٧) انظر: الهمع (٢/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>