للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تقوم بالنصب - على تأويل «علمت» بـ «ظننت»، ومثال الثاني: خشيت أن لا يقوم، وخفت أن لا يكرمني - بالرفع - قال سيبويه (١): ولو قال: أخشى أن تفعل تريد أن تخبره أنه يخشى أمرا استقر عنده أنه كائن جاز وليس وجه الكلام.

وقال أبو الحسن (٢): وأما: خشيت أن لا تكرمني فنصب، ولو رفعته على أمر قد استقر عندك كأنك جرّبته فكان لا يكرمك فقلت: خشيت أن لا تكرمني، أي: خشيت أنك لا تكرمني جاز.

وقد خالف المبرد (٣) في الحكمين المذكورين - أعني إجراء العلم مجرى الظن لتأوله به، وإجراء الخوف مجرى العلم لتيقن المخوف - كما أشار إلى ذلك في متن الكتاب، وقد ردّ على المبرد ذلك:

أما الحكم الأول: فبأن «أن» إذا صح وقوعها علم غير مؤول كما في قول القائل:

٣٧٧٩ - قد علموا ... أن لا يدانينا من خلقه بشر

فوقوعها بعد العلم المؤول أولى.

وأما الحكم الثاني: فبأنه قد سمع من العرب ما ادعى عدم جوازه قال أبو محجن (٤):

٣٧٨٠ - إذا متّ فادفنّي إلى جنب كرمة ... تروّي عظامي بعد موتي عروقها

ولا تدفنّني في الفلاة فإنّني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها (٥)

قال الشيخ (٦): وثبت في بعض النسخ بعد قوله: خلافا للمبرد: وأجاز بعضهم -


(١) انظر الكتاب (٣/ ١٦٧) ونص عبارته: «ولو قال رجل: أخشى أن تفعل يريد أن يخبر أنه يخشى أمرا قد استقر عنده أنه كائن جاز وليس وجه الكلام».
(٢) انظر: معاني القرآن (١/ ٩٢).
(٣) انظر المقتضب (٣/ ٧، ٨).
(٤) أبو محجن: عمرو بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عوف، وقيل: اسمه أبو محجن، وكنيته أبو عبيد وقيل: اسمه مالك، وقيل: عبد الله، أحد الأبطال الشعراء الكرماء في الجاهلية والإسلام، أسلم سنة (٩ هـ) وروى عدة أحاديث، توفي بأذربيجان أو بجرجان سنة (٣٠ هـ). انظر ترجمته في الشعر والشعراء (١/ ٤٣٠، ٤٣١) وخزانة البغدادي (٣/ ٥٥٣ - ٥٥٦).
(٥) هذان البيتان من الطويل وقائلهما أبو محجن الثقفي - كما ذكر المؤلف - والشاهد في قوله: «أن لا أذوقها» فإن «أن» فيه مخففة من
الثقيلة وذلك لإجراء الخوف مجرى العلم، والتقدير: أنه لا أذوقها.
والبيتان في معاني القرآن (١/ ١٤٦)، وانظر: الخزانة (٣/ ٥٥٠)، والهمع (٢/ ٢).
(٦) انظر: التذييل (٦/ ٥١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>