للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شئت أظهرت «أن» نحو: جئت لئلّا يجيء، ولا يجوز إضمار «أن» بعد غير اللام من حروف الجر، خصوها بذلك لكثرة دور معناها في الكلام.

وقد تحذف «أن» قبل المضارع في غير المواضع فتلغى غالبا كقولهم: «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه» (١)، وقول الشاعر:

٣٩١٢ - ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى ... وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي (٢)

وقول الآخر:

٣٩١٣ - وما راعني إلّا يسير بشرطة ... وعهدي به قينا يفشّ بكير (٣)

تقديره: أن تسمع، وعن أن أحضر، وإلّا أن يسير، ولكنهم رفعوا؛ لأنهم ألغوا «أن» لما ضعفت بالحذف على غير القياس، وقد لا يلغونها فينصبون بها المضارع كقوله:

٣٩١٤ - فلم أر مثلها خباسة واحد ... ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله (٤)

قال سيبويه (٥): أراد بعد ما كدت أن أفعله، وهو قليل لا يقاس عليه، ورآه -


(١) هذا مثل يضرب لمن خبره خير من مرآه، و «المعيديّ»: تصغير معدي بتخفيف الدال، وقال ابن السكيت: هو تصغير معدّي إلّا أنه إذا اجتمعت تشديدة الحرف وتشديدة ياء النسبة خففت ياء النسبة».
(٢) تقدم.
(٣) هذا البيت من الطويل لقائل مجهول.
الشرح: قوله: إلا يسير: يسير: فعل مضارع من السير، ووقع فاعلا لـ «راعني» بتقدير «أن» المصدرية أي: وما راعني إلّا أن يسير، أي سيره، وقوله: بشرطة متعلق بـ «يسير» وهو بضم الشين، وفتح الطاء، بمعنى: الشرطي، والعين: الحداد، ويفش: من فش الكير نفسه: إذا أخرج ما فيه من الريح، و «الكير» بكسر الكاف: كير الحداد وهو زق أو جلد غليظ، والمعنى: أتعجب منه.
وقد كان أمس حدادا ينفخ بالكير واليوم رأيته صار والي الشرط.
والشاهد في قوله: «إلا يسير» حيث رفع حين حذفت «أن» المصدرية قبله، والبيت في الخصائص (٢/ ٤٣٤)، وابن يعيش (٤/ ٢٧).
(٤) هذا البيت من الطويل نسب لعامر بن جوين الطائي أو لعامر بن الطفيل.
الشرح قوله: فلم أر: الفاء للعطف. وخباسة: بضم الخاء: المغنم. ونهنهت: زجرت، وما في «ما كدت» مصدرية والتقدير: بعد قربي من الفعل.
والشاهد فيه: «أفعله»؛ حيث نصب لأن أصله: أن أفعله فحذفت «أن» وبقي عملها وهو النصب، قاله سيبويه والبيت في الكتاب (١/ ٣٠٧) (هارون) والإنصاف (٥٦١)، والمقرب (١/ ٢٧٠)، والهمع (١/ ٥٨)، (٢/ ١٨) والدرر (١/ ٣٣)، (٢/ ١٣).
(٥) قال في الكتاب (١/ ٣٠٧) (هارون): (فحملوه على «أن»؛ لأن الشعراء قد يستعملون «أن» ها هنا مضطرين كثيرا).

<<  <  ج: ص:  >  >>