للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قلت: كلّما أجنبت منك إجنابة فإن اغتسلت في الحمّام [فعبدي حرّ، فالمعنى:

كل وقت أجنبت فيه منك إجنابة فإن اغتسلت في الحمام] بعده فعبدي حرّ، ولا بد من ذلك لترتبط الصفة بالموصوف والخبر بالمخبر عنه، وتكون جملة الشرط والجواب مستحقة بكل إجنابة أجنبها، وكذلك أيضا يلزم وإن لم يكن فعل الشرط مناسبا لفعل «كلّما» نحو قولك: كلّما أجنبت منك إجنابة فإن جاء زيد فعبدي حرّ، كأنه قال: كل وقت أجنبت فيه منك إجنابة فإن جاء زيد فيه فعبدي حرّ، وتكون جملة الشرط والجواب أيضا مستحقة بكل إجنابة أجنبها.

قال الشيخ (١): وهذا الذي ذهب إليه ابن عصفور تبعه عليه الأبّذيّ، وهذا الذي ذهب إليه مدفوع بالسماع والقياس:

أما السماع: فالمحفوظ من [لسان] العرب نصب «كلّما» هذه والقرآن العزيز مملوء من ذلك وكذا أشعار العرب، ولم يسمع من العرب الرفع بل النصب، والنصب على ما ذكرناه من الظرف، لأن «كلّا» مضاف إلى «ما» الظرفية، والعامل في هذا الظرف هو الفعل الواقع جوابا فـ «بدّلناهم» عامل في «كلّما» من قوله تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ (٢) وكذلك بقية الآيات الشريفة وهي قوله تعالى: كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا (٣)، كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها (٤) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها (٥)، كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها (٦)، والفعل بعد «كلّما» في موضع صلة «ما» الظرفية لا في موضع الصفة.

وأما القياس: فإنه لو كانت «ما» نكرة موصوفة للزم من ذلك شيئان:

أحدهما: أن النكرة الموصوفة إنما تتقدّر بشيء لأنها مبهمة فلا دلالة فيها على أن ذلك الشيء هو وقت لأن العام لا دلالة له على تعيين بعض أفراده فتقديره أن «ما» بمعنى: وقت ليس بشيء لأن «ما» إذا كانت نكرة لا دلالة لها على تعيين أن ذلك الشيء هو وقت. -


(١) في التذييل (٦/ ٩٢٧)، وما بعدها.
(٢) سورة النساء: ٥٦.
(٣) سورة البقرة: ٢٥.
(٤) سورة الأعراف: ٣٨.
(٥) سورة الحج: ٢٢.
(٦) سورة الملك: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>