للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أو كالدليل على صحته، وتبيين صحته أن: لو قام زيد قام عمرو لا بد فيه من عدم قيام زيد، إذ لو كان قام لزمه

قيام عمرو فلم يكن لقولك: لو قام زيد قام عمرو فائدة، ومقتضى السببية أنه إذا لم يوجد السبب لا يوجد المسبب وإلا فإن كان المسبب يوجد وإن لم يوجد سببه فما معنى كونه سببا فيه؟ فيكون إذن كلام النحويين وسيبويه في ما هو سبب ومسبب، والمسائل المعارضة ليست سببا ومسببا في الحقيقة، إذ الصدق ليس سببا في عدمه في قوله تعالى حكاية: وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١) بل الأمر بالعكس، وكذلك متى كان كثرة الأقلام والمداد سببا في أن لا ينفد الكتاب، بل المظنون أن كثرة الأقلام والمداد سبب في نفاد المكتوب، وكذلك متى كان الخوف سببا في عدم المعصية، بل الأمر في ما يظن بالعكس، فمتى كان جواب «لو» يراد به إثباته أبدا على كل حال، أو نفيه أبدا على كل حال بولغ في ذلك فجيء بما هو سبب في عكس المراد أو يظن أنه سبب، فيصير سببا في المراد، فكأن المعنى: هذا يكون ولا بد» انتهى.

وهو تقرير حسن يتعيّن التعويل عليه، وعلى هذا لا فساد في شيء من التعاريف الثلاثة لـ «لو» وهي قولهم: حرف يدل على امتناع الشيء لامتناع غيره، وحرف لما كان سيقع لوقوع غيره، وحرف يدل على انتفاء تال يلزم لثبوته ثبوت تاليه، وهذا هو الذي ذكره المصنف، ولا شك أنه أقرب إلى فهم معنى «لو» ثم إنه يشمل صور المسائل كلها، ولا يحتاج معه إلى أن يجاب عما أورد على من قال: إنها حرف يدل على الامتناع، وكذا التعريف الذي ذكره إمام الصناعة سيبويه - رحمه الله تعالى - وهو: أنها لما كان سيقع لوقوع غيره، وقد تقدم الجواب عن اعتراض المصنف عليه بما اعترض به.

واعلم أن من الناس من قال (٢): إن «لو» تكون للتعليق وهي التي ذكرت لها هذه التعاريف ووقع البحث والكلام فيها، وقد تكون لمجرد [ارتباط] الثاني بالأول من غير دلالة على امتناع أو غيره (٣)، وعلى ذلك قول المتنبي (٤): -


(١) سورة يوسف: ١٧.
(٢) التذييل (٦/ ٩٣٣)، والمغني (ص ٢٥٥ - ٢٥٨).
(٣) نقله أبو حيان عن بعض المتأخرين انظر التذييل (٦/ ٩٣٨).
(٤) المتنبي هو: أحمد بن الحسين أشهر شعراء المحدثين، مات مقتولا سنة (٣٥٤ هـ) قرب بغداد. انظر ترجمته في نزهة الألباء (ص ٣٩٤ - ٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>