للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيما يجب جبره برد المحذوف: ومذهب سيبويه (١) ألا تردّ عين المجبور إلى السكون إن كان أصلها السكون بل تفتح ويعامل الاسم معاملة المقصور إن كان معتلّا ومعاملة: جمل وعنب وصرر إن كان صحيحا، كقولك في شية وحر: وحرحيّ، ومذهب الأخفش أن تردّ عين المجبور إلى سكونها إن كانت ساكنة في الأصل، فيقال على مذهبه: وشييّ وحرحيّ (٢) انتهى. ومذهب سيبويه هو الأصح؛ لأن الحرف الثاني كانت الحركة لازمة له للإعراب، وإنما ردّوا الحرف الذاهب لقلة الحروف، فإذا ردّوا ما لم تكن فيه من أجل الكثرة وجب أن يزيلوا ما هو فيه الحركة وهو تحريك الثاني، والفتحة أخف الحركات، قالوا: وكلام العرب على ما ذهب إليه سيبويه، قالوا في غد: غدوىّ بفتح الدال (٣)، وغد أصله غدو بسكون العين (٤)، وأما الأخفش فإنه يسكن؛ لأنه يقول إنما حرّك الحرف؛ لأجل الإعراب المنتقل إليه من لام الكلمة المحذوفة التي كانت محل الإعراب، فلما عادت اللام عادت العين إلى أصلها من السكون، قالوا: وما ذهب إليه الأخفش قياس مصادم للنّص، قالوا:

وقد رجع الأخفش إلى مذهب سيبويه وذكر سماعا عن العرب (٥)، وإنما عومل، نحو: شية بعد الجبر معاملة المقصور؛ لأنك لمّا رددت الواو التي هي فاء الكلمة وهي مكسورة والسين مستمرة على كسرها أيضا، آل وزن الكلمة إلى فعله، فوجب فتح عين الكلمة كما في نحو: إبل، وإذا فتحت العين وجب قلب الياء التي هي لام الكلمة ألفا، فيصير الاسم مقصورا ثلاثيّا، فيعامل معاملته بقلب ألفه واوا، وأما الأخفش فإنه ردّ عين الكلمة إلى أصلها من

السكون، ولما سكنت العين بقيت لام الكلمة التي هي الياء على حالها؛ إذ لا موجب لتغييرها، وكأن سيبويه يرى أن الواو والحاء إنما ردّا في (شية وحر) من أجل النسب فكانا في حكم العارض لا في حكم ما هو أصل، فمن أجل ذلك استمرت الشين من شية، والراء من حر بعد رد المحذوف على حركتيهما، وأراد المصنف بقوله: مطلقا ما أصله السكون وما أصله -


(١) الكتاب (٣/ ٣٦٩).
(٢) شرح الكافية (٤/ ١٩٥٧) وما بعدها.
(٣) مع: غديّ. انظر شرح الكافية - ١٩٥٤، والرضي (٢/ ٦٤).
(٤) المصباح - (٤٤٣).
(٥) قال المرادي في شرحه للألفية (٥/ ١٤٥): (وحكي عن أبي الحسن أنه رجع في (الأوسط) إلى مذهب سيبويه، وذكره سماعا عن العرب). وانظر: ابن جماعة (١/ ١١٩)، والأشموني (٤/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>