للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واعتبار المعنى بعد اعتبار اللفظ كقول تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (١). فلو عضد المعنى بعد اعتبار اللفظ تأيد (٢) اعتبار المعنى ولذا قرأ غير حمزة والكسائي (٣): وتعمل (٤) بالتاء لأن معنى التأنيث قد اعتضد بسبق منكن وهو نظير اعتضاد معنى التأنيث فيمن هي روضة بسبق من النسوان.

واعتبار اللفظ بعد اعتبار المعنى كقوله تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً (٥) ومنه قول الشاعر:

٤١٩ - لست ممّن يكعّ أو يستكينو ... ن إذا كافحته خيل الأعادي (٦)

-


(١) سورة البقرة: ٨.
(٢) في شرح التسهيل: تعين مكان تأيد.
(٣) غير حمزة والكسائي من القراء السبعة هم: نافع وابن كثير وأبو عمرو بن العلاء وابن عامر وعاصم.
(٤) الآية: ٣١ من سورة الأحزاب وهي: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً. أجمع القراء على قراءة - يقنت بالياء التحتية والحجة في ذلك أن الفعل مسند إلى من ولفظ من مذكر فسبق التذكير إلى الفعل قبل ما يدل على التأنيث من قوله: منكنّ، وقوله: نؤتها أجرها. وهذا بخلاف الفعل الثاني في الآية وهو تعمل.
وأما تعمل: فقد قرأ حمزة والكسائي بالياء التحتية وحجتهما في ذلك أنه محمول على تذكير لفظ «من» لأن لفظه مذكر. وغير حمزة والكسائي قرأ بالتاء الفوقية وحجتهم في ذلك أنهم حملوا الفعل على معنى «من» لأن المراد بها مؤنث وهو خطاب لنساء النبي صلّى الله عليه وسلّم. وأيضا فإنه أتى بعد قوله «منكن» الذي يدل على التأنيث فجرى على تأنيثه (وهو موضع الشاهد في الآية) ومن هنا حسن التأنيث فيه بخلاف الفعل الأول.
وأما «نؤتها» فقد قرئ بالياء وهو إخبار عن الله عزّ وجلّ لتقدم ذكره في الآية والآيات السابقة كما قرئ بالنون وفيه تعظيم لله سبحانه تعالى بإعطاء الأجر لنساء النبي عليه الصلاة والسّلام.
(انظر في ذلك الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها لمكي بن أبي طالب (٢/ ١٩٦، ١٩٧) تحقيق د/ محيي الدين رمضان (مؤسسة الرسالة).
(٥) سورة الطلاق: ١١. واعتبار اللفظ أولا في قوله: يؤمن ويعمل ويدخله؛ حيث جاء الضمير مفردا مذكرا، واعتبار المعنى ثانيا في «خالدين» حيث جمع وهو حال، واعتبار اللفظ مرة أخرى في قوله: قد أحسن الله له رزقا.
(٦) البيت من بحر الخفيف غير منسوب في مراجعه وهو في الفخر بالشجاعة والقوة عند الحرب.
اللغة: يكعّ: بضم الكاف وكسرها من كع يكع إذا ضعف وجبن. استكان: ذل وخار.
والشاهد في البيت: ذكر العائد على الموصول مفردا في يكعّ وجمعا في يستكينون ومفردا مرة أخرى في كافحته وكلّ جائز.
والبيت في شرح التسهيل (١/ ٢١٤) وفي التذييل والتكميل (٣/ ١١٦) وليس في معجم الشواهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>