للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أن تقع قبل الجار كما أن الحروف التي لا تمتزج بالكلمة كذلك، ألا ترى أنك تقول: «هل بزيد مررت؟» ولا تقول:

«بهل زيد مررت»؟ فلولا أن حروف التعريف بمنزلة الزاي من زيد ما تخطاه العامل.

والجواب: أن تقدير الانفصال لا يترتب على كثرة الحروف، بل على إفادة معنى زائد على المعنى المصحوب، ولو كان المشعر به حرفا واحدا كهمزة الاستفهام، فإنها وإن كانت حرفا واحدا في تقدير الانفصال لكون ما تفيده من المعنى زائدا على معنى مصحوبها غير ممازج لمعنى المصحوب، وعدم تقدير الانفصال يترتب على إفادة معنى ممازج لمعنى المصحوب كـ (سوف)؛ فإنها وإن كانت على ثلاثة أحرف غير مقدرة الانفصال لكون ما تفيده من المعنى ممازجا لمعنى الفعل الذي تدخل عليه، فإنها تعينه للاستقبال وذلك تكميل لدلالته، وهكذا حرف التعريف غير مقدر الانفصال وإن كان على حرفين؛ لأن ما أفاده من المعنى مكمل لتعيين الاسم مسماه، فينزل منزلة الجزء من مصحوبه لفظا كما تنزل منزلة الجزء معنى، إلا أن امتزاج حرف التعريف بالاسم أشد من امتزاج سوف بالفعل لوجهين:

أحدهما: أن معنى حرف التعريف لا يختص به بعض مدلول الاسم المقرون به، بخلاف معنى سوف؛ فإنه يختص بأحد جزأي مدلول الفعل.

الثاني: أن حرف التعريف يجعل الاسم المقرون به شبيها بمفرد قصد به التعيين وضعا كالمضمر واسم الإشارة والعلم المرتجل، فلا يقدح في الامتزاج المعنوي كون أحد المتمازجين حرفين أو أكثر. وسوف وإن مازج معناها معنى مصحوبها لكن لا تجعله شبيها بمفرد قصد به وضعا ما قصد بها وبمصحوبها؛ لأن ذلك غير موجود، وقد ترتب على هذا امتناع الفصل بين حرف التعريف والمعرف به، ووقوعه بين سوف والفعل المصاحب لها كقول الشاعر:

٥١٧ - وما أدري وسوف إخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء (١)

-


(١) البيت من بحر الوافر، قاله زهير بن أبي سلمى يهجو به جماعة ويذكر لهم أنه لا يعرف هل هم رجال أو نساء، وهذا ذم لهم وطعن في رجولتهم.
وشاهده: قوله: وما أدري وسوف إخال أدري، حيث فصل بين سوف والفعل بعدها، وهذا يرجح أنهما غير ملتصقين التصاق أل بمدخولها. -

<<  <  ج: ص:  >  >>