للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فجمع بين غالبا وحتم أيضا. ويظهر أن (غالبا) يرجع إلى استعمال لولا لا إلى وجوب الحذف، وكأنه يقول: الغالب استعمالها دالة على امتناع لوجود مطلق؛ فإذا استعملت فيه وجب الحذف، وقد تستعمل على امتناع لوجود مقيد فيجيء من أقسامه أن يجوز حذفه، فيصدق أن الخبر يحذف في هذا الاستعمال، لكن الاستعمال المذكور غير غالب، لكن هذا التقرير لا يكاد عبارة المتن تساعد عليه؛ لأن ظاهرها يعطي أن (غالبا) من متعلقات يحذف، أي إنه يحذف في الغالب وقد لا يحذف، وهذا أعم من أن يستعمل لولا في الامتناع لوجود مطلق أو لوجود مقيد، وعلى الذي تقرر يكون (غالبا) من متعلقات استعمال لولا كأنه قال فغلب استعمالها في الامتناع لوجود مطلق. ولا يخفى ما فيه من التكلف، وتقدير ما لا دليل عليه (١).

وقال ابن أبي الربيع (٢) بعد أن تكلم على هذه المسألة بالنسبة إلى وجوب حذف الخبر:

«من الناس من قال: إن خبر هذا المبتدأ يظهر إذا كان غير ما ذكرنا ممّا لا يقتضيه الكلام فيقول: لولا زيد ضارب لأكرمتك، ولولا زيد متكلم لمشيت إليك؛ ولا يجوز حذف هذا لأنه ليس في الكلام ما يدلّ عليه لو حذف، وأكثر النحويين على أن هذا لا يقال، وإن خبر هذا المبتدأ لا يكون إلا من جنس ما يقتضيه الكلام، وإنّما يقول العرب إذا أرادت هذا المعنى: لولا ضرب زيد لأكرمتك. ولولا كلام زيد لمشيت إليك.

وأما قول علقمة (٣):

٥٤٥ - فو الله لولا فارس الجون منهم ... لأبوا خزايا والإياب حبيب (٤)

-


(١) وإذا كان الشارح قد استنبط ما قرره، فإن ذلك هو الصحيح وهو المراد، وقد شرحه الأشموني أيضا على ذلك، وجعل (غالبا) من متعلقات استعمال لولا، يقول:
«وبعد لولا الامتناعية غالبا أي في غالب أحوالها، وهو كون الامتناع معلّقا بها على وجود المبتدأ الوجود المطلق» (حاشية الصبان: ١/ ٢١٥) والأمر كما ذكر، وإلا وجد التنافي بين قوله: غالبا وقوله: حتم.
(٢) انظر شرح الإيضاح لابن أبي الربيع (مكروفيلم بمعهد المخطوطات رقم (٢٢٠) نحو مصنف غير مفهرس) ويسمى بالملخص لابن أبي الربيع، لقطة رقم: (٣٥). وما نقله ناظر الجيش ليس بالملخص وإنما هو شرح الإيضاح المطول. وانظر أيضا: الهمع (١/ ١٠٥).
(٣) سبقت ترجمته في هذا التحقيق.
(٤) البيت من بحر الطويل، وهو لعلقمة بن عبدة من قصيدة سبق الحديث عنها.
وهو في هذا البيت يحدث ممدوحه الحارث وبعده يقول (ديوان علقمة: ص ١٥).
تقدمه حتّى تغيب حجوله ... وأنت لبيض الدّارعين ضروب
اللغة: فارس الجون: هو الممدوح. الجون: الحصان الأسود، آبوا خزايا: رجعوا مهزومين. البيض: -

<<  <  ج: ص:  >  >>