للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أخوك، فالآخر رفع الأول وعمل فيه، وبه استغنى الكلام وهو منفصل منه». هذا نصه (١) [١/ ٣٦٢] وهو يحتمل أربعة أوجه (٢):

أحدها: كون الظّرف منصوبا بعامل معنوي، وهو حصول المبتدأ فيه لقوله:

فانتصبت لأنها موقوع فيها، ومكون فيها، ويحتمل قوله: عمل فيها ما قبلها على عمل المبتدأ في المحل، فيكون للظرف على هذا التقدير عامل نصب في لفظه، وهو المعنى المذكور، وعامل رفع في محله وهو المبتدأ، وهذا الوجه باطل إذ لا قائل به.

ولأن الحصول لو عمل في الظرف الصرفي وهو الخلف وشبهه لعمل في الظرف اللغوي (٣)، كالكيس والكوز، فكان يقال: المال الكيس والماء الكوز بالنصب، بل الحصول المنسوب إلى الكيس والكوز ونحوهما أولى بالعمل؛ لأنه حصول إحاطة وإحراز، وإذا لم يصلح للعمل وهو أقوى فغيره بعدم العمل أولى.

والوجه الثاني: كون الظرف منصوبا بالمخالفة كقول الكوفيين، فإنه يوهمه سيبويه بقوله في الباب المذكور: فهذا كلّه انتصب على ما هو فيه وهو غيره؛ فظاهر هذا القول شبيه بما حكاه ابن كيسان من قول الكوفيين: إن الظرف منصوب بالمخالفة؛ لأنك إذا قلت: زيد أخوك، فالأخ هو زيد، وإذا قلت: زيد خلفك فالخلف ليس بزيد، فمخالفته له عملت فيه النصب، وقد تقدم إبطال هذا القول فسيبويه بريء ممن عول عليه وجنح إليه؛ لأنه قال حين مثل بظروف بعد مبتدآت:

وعمل فيها ما قبلها. وهذه العبارة لا يصلح أن يراد بها إلا شيء متقدم على الظرفية، والمخالفة بخلاف ذلك، فتيقن أن مراده غير مراد الكوفيين.

والوجه الثالث: ما ذهب إليه ابن خروف من أن عامل النصب في الظرف المذكور المبتدأ نفسه، واحتماله أظهر من الوجهين المتقدمين، وهو أيضا مخالف لمراد سيبويه، وسأبين ذلك إن شاء الله تعالى (٤). ولو قصد ذلك سيبويه نصّا لم يعول عليه؛ لأنه يبطل من سبعة أوجه (٥): -


(١) كتاب سيبويه (١/ ٤٠٦).
(٢) شرح التسهيل.
(٣) في نسخة الأصل: لعمل في الظرف المعنوي، وما أثبتناه أولى، وهو من نسخة (ب).
(٤) أي فيما يورده من كلام الآن ومن إبطال هذا الرأي بالأوجه السبعة الآتية.
(٥) انظر: شرح التسهيل (١/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>