للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأيما طائفة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء والأموال أو الخمر أو الزنى والميسر، أو عن التزام جهاد الكفار، وغير ذلك من واجبات الدين، ومحرماته التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها، التي يكفر الجاحد لوجوبها، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها لوجوبها، وإن كانت مقرة بها، وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء ... إلى أن قال: وهؤلاء عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة الخارجين على الإمام، أو الخارجين عن طاعته كأهل الشام مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ فإن أولئك خارجون عن طاعة إمام معين، أو خارجون عليه لإزالة ولايته، وأما المذكورون فهم خارجون عن الإسلام بمنزلة مانعي الزكاة، انتهى.

وأيضا، فالمشار إليهم في السؤال، لا نقول: إنهم معصومون، بل يقع منهم أشياء تخالف الشرع، ولولا ما يحدث من المخالفات، لم يسلط عليهم عدوهم، لكن عوقبوا بأن سلط عليهم من هم خير منهم وأحسن.

"إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني" والذي أدركنا من سيرة هذه الطائفة المشار إليها ما بقي منها إلا الاسم {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ١. واحتجاج بعض الناس بقول بعض العلماء: يباح الدعاء في الخطبة لمعين، ولم يقولوا: يسن، وأيضا فالدعاء حسن، يُدعَى له بأن الله يصلحه، ويسدده، ويصلح به، وينصره على الكفار، وأهل الفساد، وما في الخطب من الثناء، والمدح بالكذب الواجب على ولي الأمر، أولا- البداءة برعيته بإلزامهم شرائع الإسلام، وإزالة المنكرات، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، فهذا أهم وأوجب من جهاد العدو الكافر، وهذا مما يستعان به على جهاد الكفار، لما روي: "إنما تقاتلون من تقاتلون بأعمالكم" وولي


١ سورة البقرة آية: ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>