للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عقيدة الخوارج]

وأما الخوارج: فهم الذين خرجوا على علي رضي الله عنه وقبل ذلك قتلوا عثمان؛ وكفروا عثمان وعليا وطلحة والزبير ومعاوية وطائفتي علي ومعاوية، واستحلوا دماءهم. وأصل مذهبهم الغلو الذي نهى الله عنه، وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فكفَّروا من ارتكب كبيرة، وبعضهم يكفر بالصغائر، وكفروا عليا، وأصحابه بغير ذنب، فكفروهم بتحكيم الحَكمَين: عمرو بن العاص، وأبي موسى الأشعري، وقالوا: لا حكم إلا لله، واستدلوا على قولهم بالتكفير بالذنوب بعمومات أخطؤوا فيها، وذلك كقوله -سبحانه وتعالى-: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} ١، {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا} ٢، وقوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} ٣ الآية، وغير ذلك من الآيات.

وأجمع أهل السنة، والجماعة أن أصحاب النار لا يخلدون في النار، إذا ماتوا على التوحيد، وأن من دخل النار منهم بذنبه يخرج منها كما تواترت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأيضا فلو كان الزاني، وشارب الخمر، والقاذف، والسارق، ونحوهم، كفارا مرتدين، لكان حكمهم في الدنياالقتل، الذي هو حكم الله في المرتدين، فلما حكم الله على الزاني البكربالجلد، وعلى السارق بالقطع، وعلى الشارب، والقاذف بالجلد، قلنا: حكم الله فيهم بذلك لأنهم لم يكفروا بهذه الذنوب كما تزعمه الخوارج.

فإذا عرفت مذهب الخوارج أن أصله التكفير بالذنوب، وكفَّروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحلوا قتلهم متقربين بذلك إلى الله، فإذا تبين لك ذلك تبين ضلال كثير من أهل هذه الأزمنة، في زعمهم أن محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- وأتباعه خوارج، ومذهبهم مخالف


١ سورة الجن آية: ٢٣.
٢ سورة النساء آية: ١٤.
٣ سورة النساء آية: ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>