للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنسه فصرف له حكمه، وقالوا فيما إذا اقترض دراهم مكسرة، وحرمها السلطان، ورد المقترض فضة فصرف، نعتبر له شروطه.

وقال في الشرح الكبير في مسألة اقتضاء أحد النقدين من الآخر: إنه يشترط لجواز ذلك أن يكون بالسعر، وأنه قول الجمهور خلافا لأصحاب الرأي، واستدل لقول الجمهور بحديث ابن عمر، وعلله بأن هذا جرى مجرى القضاء، فتقيد بالمثل، كالقضاء من الجنس قال: والتماثل هنا بالقيمة لتعذر التماثل بالصورة، انتهى.

فكلامه صريح في أنه إذا كان القضاء من الجنس فلا بد من التماثل بالصورة، وجعل ذلك أصلا لمسألة الخلاف، فدل أنه لا بد من التماثل في الصورة، إذا كان القضاء من الجنس بلا خلاف، وهذا أمر ظاهر.

وقد علمتم كلام الفقهاء: إن من اشترى طعاما بكيل لا يصح قبضه جزافا؛ لحديث: "إذا سميت الكيل فكل"١ وغير ذلك، وليس في حديث جابر ما يستدل به للجواز، وقد استدل به ابن عبد البر، وجماعة على جواز أخذ الثمر على الشجر عن ما في الذمة، إذا علم أنه دون حقه إرفاقا بالمدين، وإحسانا إليه.

وهذا يشبه مسألة ذكرها الفقهاء في الصلح فيما: إذا أقر إنسان لآخر بدين في ذمته، فصالحه بجنسها، قل أو كثر على سبيل المعاوضة لم يجز. وإن صالحه بأقل على سبيل الإبراء والهبة، لا بلفظ الصلح فهو جائز. وقولهم: إن الناس لا مفك لهم عن ذلك فهذه حجة فاسدة، وللناس عن ذلك مندوحة، بأن يشتري بالمجيديات أو القطع، ولا يسمي الريالات.

لكن الشيطان يضيق طرق الحلال، ويفسح طرق الحرام، نسأل الله لنا ولكم الهدى والسداد، والله -سبحانه وتعالى- أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


١ ابن ماجه: التجارات (٢٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>