للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمكان، وكتب تحتها ما يكفي أقلُّ منه لمَن بصَّره الله، وعافاه من الهوى والتعصب، فجزاه الله عن المسلمين خيرا، وجعله ممن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، آمين.

أجاب -عفا الله عنه وأيده، آمين-:

هذه الأبيات تتضمن تنْزيل الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- بمنزلة رب العالمين، إذ مضمونها: أن الرسول هو المسؤول المَرْجُوّ لكشف أعظم الشدائد، وهو عذاب الآخرة، وأن الدنيا والآخرة من جوده وأفضاله، وأنه يعلم الغيب، وهذه هي خصائص الربوبية، والألوهية التي جعلتها النصارى للمسيح ابن مريم، ففيه مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سَنن من كان قبلكم"١.

وهؤلاء، وإن لم يقولوا: إن محمدا هو الله، لكن أثبتوا له خصائص الرب الإله، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. فانظر قوله:

إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... ومنقذي من عذاب الله والألم

وانظر قول الله -سبحانه- لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} ٢. وهذا الضال يزعم أن محمدا ينقذ مَن شاء مِن عذاب الله، وقال -تعالى- عن صاحب يس: {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ} ٣. ووازن بينه وبين البيت المذكور، وقوله: أو شافعا لي ... إلخ.

فالقرآن يخبر أن مَن أراده الله بضر فلا مُنْقِذ له، ولا شافع، وهذا يزعم أن الرسول ينقذ من عذاب الله، ويشفع فيمن عذَّبه الله، فأثبت هذين الأمرين اللذين نفاهما القرآن، فأيّ محادة للقرآن أعظم من ذلك؟!

وقال تعالى: {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} ٤. ونحو ذلك في القرآن كثير، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦) , ومسلم: العلم (٢٦٦٩) , وأحمد (٣/ ٨٤,٣/ ٨٩).
٢ سورة الأنعام آية: ١٥.
٣ سورة يس آية: ٢٣.
٤ سورة الانفطار آية: ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>