للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار ... ، إلى أن قال: يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئا"١.

وهذا المفتري يزعم أن النبي ينقذ مِن عذاب الله من شاء، فأي مشاقة لله ورسوله أعظم من هذا؟! وقال -سبحانه-: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا} ٢. وقال: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعًا} ٣، أي: أنا عبد ضعيف لا أملك لنفسي اجتلاب نفع، ولا دفع ضر، كالمملوك، إلا ما شاء الله مالكي من النفع لي، والدفع عني.

فكيف يجتمع في قلب عبدٍ الإيمانُ بما ذكرنا من الآيات، ونحوها من آي القرآن، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لابنته: "أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لك من الله شيئا"٤، كيف يجتمع الإيمان بذلك، والإيمان بقول الضال:

إن لم تكن في معادي آخِذًا بيدي ... ومنقذي من عذاب الله والألم

ويزعم بعض المتعصبين لهم أن مرادهم بذلك طلب الشفاعة، فيقال: أولا: طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ممتنع شرعا، وعقلا. وأيضا فالمستشْفِع يقول للمستشْفَع به: اشفع لي، ادع الله لي، لا يقول: أعطني كما كان الصحابة يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته: استسق لنا، استنصر لنا، لا يقولون: اسقنا، أو أغثنا، أو انصرنا على عدونا.

فمن استشفع بالنبي أو غيره إلى الله في جلب رزق، أو دفع ضر، أو دفعه، لا يقول: ارزقني أو اكشف ضري، بل يقول: ادع الله لي، وأيضا- فقول الناظم أولا:

إن لم تكن في معادي آخِذًا بيدي ... ومنقذي من عذاب الله والألم

ثم قال: أو شافعا لي ... إلخ، فعطف الشفاعة على الأخذ باليد والإنقاذ،


١ البخاري: الوصايا (٢٧٥٣) وتفسير القرآن (٤٧٧١) , ومسلم: الإيمان (٢٠٤) , والترمذي: تفسير القرآن (٣١٨٥) , والنسائي: الوصايا (٣٦٤٤,٣٦٤٦,٣٦٤٧) , وأحمد (٢/ ٣٦٠) , والدارمي: الرقاق (٢٧٣٢).
٢ سورة الجن آية: ٢١.
٣ سورة الأعراف آية: ١٨٨.
٤ مسلم: الإيمان (٢٠٤) , والترمذي: تفسير القرآن (٣١٨٥) , والنسائي: الوصايا (٣٦٤٤) , وأحمد (٢/ ٣٣٣,٢/ ٣٦٠,٢/ ٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>