للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دعوى أن العبادة هي السجود فقط]

وأما دعواه أن العبادة هي السجود فقط: فهذا الجهل ليس بغريب من مثل هذا الملحد. والنصوص القرآنية والأحاديث النبوية قد فصَّلتْ أنواع العبادة تفصيلا، وقسمتها تقسيما ونوَّعَتها تنويعا، قال تعالى: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} ١ إلى قوله: {أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ٢ وهل المهتدون والمفلحون إلا خَوَاص عباد الله؟ وقال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} ٣ إلى قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} ٤ فخصهم بالصدق والتقوى وحصرها فيهم، لأن ما ذُكِرَ: رأسُ العبادة والإيمان مُتضمنٌ لما لم يُذْكَر، مستلزمٌ له، فلهذا حَسُنَ الحصرُ. وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} ٥ إلى قوله: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} ٦، فبدأ بذكر العبادة المجملة، ثم خص بعض الأفراد تنبيها على الاهتمام، وأنها من أصول الدين، ولئلا يتوهم السامع أن العبادة تختص بنوعٍ دون ما ذكر في قوله: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} ٧، ومعلوم أن إقامة الصلاة داخلة فيما قبلها لأنها آكد الأركان الإسلامية بعد الشهادتين.

وكذلك قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ٨، والاستعانة: عبادة بالإجماع، وعطفها على ما قبلها اهتماما بالوسيلة وتنبيها على التوكل؛ وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ} ٩ إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ١٠ والعدل: يدخل فيه الواجبات كلها. والإحسان تدخل فيه نوافلُ الطاعات. وإيتاء ذي القربى يدخل فيه حق الأرحام ونحوها من العبادات المتعدية، والنهي عن الفحشاء والمنكر يدخل فيه ما نهى الله عنه من ظاهر الإثم وباطنه،


١ سورة البقرة آية: ٢.
٢ سورة البقرة آية: ٥.
٣ سورة البقرة آية: ١٧٧.
٤ سورة البقرة آية: ١٧٧.
٥ سورة البقرة آية: ٨٣.
٦ سورة البقرة آية: ٨٣.
٧ سورة الأعراف آية: ١٧٠.
٨ سورة الفاتحة آية: ٥.
٩ سورة النحل آية: ٩٠.
١٠ سورة النحل آية: ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>