للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو دنونا من أحدها لأحرقتنا سبحات وجهه. انتهى.

ومقتضى ما قال القرطبي في حديث أبي موسى "حجابه النور - أو النار": إن هذا حجاب منفصل عن أنوار الذات، لكنه يجري في هذه المباحث على طريق المتكلمين فيما جاء في هذا الباب من صفات الكمال ونعوت الجلال ١.

[معنى قوله تعالى: {لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا}]

(وأما المسألة السادسة) عن قوله -تعالى- في قصة شعيب: {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} ٢، وقول السائل: وهم لم يدخلوا فيها؟ فاعلم أن هذه المسألة شاعت وذاعت واشتهرت وانتشرت، والخلاف فيها قديم بين أهل السنة والمعتزلة، وبين أهل السنة بعضهم لبعض، والذي روى ابن أبي حاتم عن عطية عن ابن عباس كانت الرسل والمؤمنون يستضعفهم قومهم، ويقهرونهم، ويدعونهم إلى العود في ملتهم، فأبى الله لرسله والمؤمنين أن يعودوا في ملتهم


١ قد أوجز -رحمه الله تعالى- واختصر في هذه المسألة، حتى فيما نقله عن المحقق ابن القيم. وقد حققنا مبحث النور والحجب الإلهية في الكلام على رؤية الرب -تعالى- من تفسير آية الأعراف (٧: ١٤٢)، فقد بلغ الكلام في تفسيرها زهاء سبعين صفحة، ونقلنا في بحث النور والحجب منها كلاما نفيسا لابن القيم من مدارج السالكين ومن الوابل الصيب، ووضحناه بما يزيل إشكال من استشكله، ونبهنا في إيضاحه إلى الحاشية الوجيزة التي علقناها على عبارة الوابل الصيب من مجموعة الحديث النجدية، أردنا منها: أن آخر ما وصل إليه علماء الكون في النور والتكوين يؤيده، ويؤيده مذهب السلف، ويبطل قاعدة المتأولة الذي أولوا النور في الآيات والأحاديث، ثم قلت بعد هذا: وقد علمنا أن بعض الذين اطلعوا على هذه الحاشية في مجموعة الحديث لم يفهموها، فاضطربوا فيها، ولهم العذر؛ فإنها على غرابة موضوعها مبهمة لم توضح المقام لأمثالهم كما كان يجب" اهـ. فليراجع البحث كله في الجزء التاسع من تفسيرنا.
٢ سورة الأعراف آية: ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>