للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا لا بأس به إن شاء الله تعالى. وأما الاستيفاء بها في مجلس العقد، فلا ينبغي لكم، لأنه ذريعة إلى الحيل؛ والحيل كلها محرمة. وكذلك إذا حل التمر على الكداد، فلا بد من قبضه بالقبض الشرعي، وأما التحيل على قلبه على صاحبه فلا ينبغي أيضا؛ بل يأخذه صاحبه، ولا يبيع على الذي أوفاه منه شيئا لا كثيرا، ولا قليلا، فإن أحب البيع فَلْيِبِعه طعاما غير الطعام الذي قبضه منه، فتحصل المعاملة، ويحصل التنَزه والاحتياط عن الحيل التي لا يجوز تعاطيها.

(ومنها): ما يفعله بعض الناس إذا كان له في ذمة رجل طعام معلوم استوفى منه بثمرة يأخذها خرصا في رؤوس النخل ثم يبيعها، وهذا لا يجوز؛ نص عليه العلماء، ونهوا عنه، وذكروا أن من اشترى بالكيل والوزن لا يحصل قبضه إلا بكيله أو وزنه؛ فإن قبضه جزافا كان قبضا فاسدا لا يجوز بيعه حتى يُكال أو يُوزن، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يكتاله"١، وفي الحديث الآخر أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان: صاع البائع، وصاع المشتري، وفي حديث آخر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعثمان: "إذا سميت الكيل فكِل"٢.

(ومنها): ما يفعله بعض الناس في الأحساء وغيره، يشترون الطعام من أهل بيت المال، أو من غيرهم، ثم يبيعونه قبل قبضه، وهذا لا يجوز؛ بل ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عنه، وقال: "من ابتاع طعاما، فلا يبعه حتى يقبضه"٣.

(ومنها): ما يفعله بعض الناس إذا كان عنده تمر قد استغنى عنه، ورأى السعر رخيصا، وأراد إبداله بتمر من الثمرة المقبلة، أقرضه لمن يعطيه بدله تمرا جديدا، وليس هذا بالقرض المسنون، وإنما هذا إبدال تمر


١ مسلم: البيوع (١٥٢٥) , والنسائي: البيوع (٤٥٩٧) , وأبو داود: البيوع (٣٤٩٦).
٢ ابن ماجه: التجارات (٢٢٣٠).
٣ البخاري: البيوع (٢١٣٣) , ومسلم: البيوع (١٥٢٦) , والنسائي: البيوع (٤٥٩٦) , ومالك: البيوع (١٣٣٦) , والدارمي: البيوع (٢٥٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>