للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام. ولا يشك من له أدنى مسكة من عقل أن من اعتنى بنسخ كتب الزندقة والتعطيل والتجهم مع دعواه أنه لا يعتقدها، فهو مخبول العقل ليس عنده من وازع الدين ما يقتضي تركها. هذا لو سلمنا هذه الدعوى وتركنا الأدلة والقرائن على استحسانها واعتقادها، وأدهى من هذا وأمر وأوضح منه من نظر في خطك واعتبر أنك تقول: إنه لم يظهر لك في حال نقلك لتلك الرسالة من نفي إثبات الصفات المؤدي إلى التعطيل ما فهمه شيخنا الوالد -حفظه الله-، فإن كنت لا تفهم من قول هذا الرجل في ربه: إنه لا داخلَ العالم ولا خارجه ولا فوقه، وإن ما دل على حقائق صفات الله سبحانه، ونعوت جلاله من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية معدود عند السلف من المتشابه، ونحو ذلك من كلامه، فإن كنت لا تفهم من هذا نفيا ولا تعطيلا فلتبك عقلك النوائح. أين أولو البصائر والأفهام؟! أين المناضلون عن ملة الإسلام؟! ما هذه إلا مكابرة جلية، وسفسطة جدلية، فإن صبيان المكاتب، فضلا عن أولي العلم والمراتب، يعلمون أن هذه العبارة صريحة في التعطيل، غير محتملة للتصحيح والتأويل، وقد كنت أظن بك دون هذه المكابرة، وأحسب أنك ترعوي عند المحاقّة والمخابرة، لا سيما بعد اطلاعك على هذا الرد النفيس، وما تضمنه من براهين الإثبات والتقديس، فخلت أن همتك ترتفع به إلى فوق، وأنك لا ترضى سبيل الميل والعوق، وأن أفراخ اليونان لا تعوقك عن الوصول، وأن أسلاف القوم لا يصدونك عن سنن الرسول، لكن كما قيل:

خفافيش أعشاها النهار بضوئه ... ووافقها قطع من الليل مظلم

وقولك: إن المفاهيم تتفق وتختلف جوابه: أن الاتفاق والاختلاف إنما يقع عند ذوي البصائر والعقول والأفهام السليمة في غير صرائح العبارات

<<  <  ج: ص:  >  >>