للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنطوقها، وفي غير الدلالة المطابقية، ولا يمتري عاقل فضلا عن عالم أن الذي خالف فهمك فهم شيخنا فيه، صريحه ومنطوقه يرد زعمك وينافيه.

[قبول كتاب الفقه الأكبر عند النجديين]

ثم إنك ادعيت أولا أنك سليم العقيدة، موافق لما في الفقه الأكبر لأبي حنيفة، ولما عليه الأئمة الذين حكيت أقوالهم، وهذا حسن جيد لكن يعكر عليك ويناقضه قولك بعد: "لكني وقفت بعد ذلك على كلام لبعض العلماء ينافي بعض ما فيها فملت إليه، وعولت عليه، لكونه أقرب للسلامة، وأشبه بهدي أهل الاستقامة"، وهذا تصريح منك بالميل إلى خلافها، والتعويل على سواها بعد اعتقادها، وهو مخالف ومناقض لكلامك الأول حيث زعمت أنك كنت في حال نقلها متأسيا بما في الفقه الأكبر.

ثم يا هذا: قد استدللت على رجوعك بقضية عمر في المشتركة، وبما صح من رجوع كثير من أئمة الاجتهاد عن أقوال ظهر لهم الحق في خلافها والرجوع إلى الحق أولى وأحق، لكن لا يخفى أن رجوعهم من اجتهاد إلى اجتهاد بخلاف من رجع من ذنب يأثم به ولا يؤجر عليه بل غايته بعد التوبة أن يغفر، ولذلك قالوا بصحة الاجتهاد الأول. فإن قلت: الشبه ليس من كل الوجوه بل من حيث الرجوع إلى الحق، قلت: لأي شيء؟ عدلت عن قوله: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} ١ والعدول عن الدليل الصريح المطابق من كل الوجوه يقدح في فهم الرجل وتأليفه.

ثم إنك تقول: اعلم أني بحمد الله غير مستنكف عن قبول الحق ولا مستكبر ولا مستحقر. وأقول: أي كبر أعظم وأدهى من أنفة الرجل أن يدعى إلى الله ظاهرا، ويرد قوله الذي قد شاع وينسخ جهارا، ويعد هو ذنوبه وخطاياه من باب الاجتهاد؟ وقد أعرضنا عن غير ذلك


١ سورة الزمر آية: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>