للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من علامات بطر الحق، وأما كون شيخنا الوالد صرح باسمك في الرياض فهو منه اهتمام بالواجب الشرعي، فإن الرجل إذا خيف أن يفتن به الجهال، ومن لا تمييز عندهم في نقد أقاويل الرجال، فحينئذ يتعين الإعلان بالإنكار، والدعوة إلى الله في السر والجهار، ليعرف الباطل فيجتنب، وتهجر مواقع التهم والريب، ولو طالعت كتب الجرح والتعديل، وما قاله أئمة التحقيق والتأصيل، فيمن اتهم بشيء يقدح فيه أو يحط من رتبة ما يحدّث به ويرويه، لرأيت من ذلك عجبا، ولعرفت أن سعي الشيخ محمود قولا وسببا.

ثم إنك تذكر أن الرد صار للعوام والطغام سلما للوقيعة في أعراض علماء الإسلام، وفي هذا من تزكية نفسك والتنويه بذكرها ما لا يخفى، وما أظن عالما يقول: أنا عالم، وقد قال عمر رضي الله عنه من قال: أنا عالم فهو جاهل، ومن قال: أنا مؤمن فهو كافر، ومن قال: أنا في الجنة فهو في النار انتهى.

والعالم من يخشى الله، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ١ فإن الآية تقتضي حصر العلماء في أهل الخشية كما تقتضي حصر الخشية في العلماء، وحقيقة العلم هو ما جاءت به الرسل من معرفة الله سبحانه بصفات الكمال، ونعوت الجلال إثباتا لا تعطيلا، وتنْزيها لا تمثيلا، وذلك يقتضي من إسلام الوجه له، والتبتل إليه وحده لا شريك له حبا وإجلالا وتعظيما وذلا وإخلاصا وانقيادا، وهو محسن في ذلك بعدم الانحراف عما جاءت به الرسل طاعة لهم وتكريما. وهذا أيضا يقتضي العلم بالأوامر الشرعية لأن الجاهل لا يحسن السير، ولا بد في العلم بهذا من النفوذ إلى ما جاءت به الرسل، فيعرف الحكم من دليله. وأما غير ذلك من أنواع العلوم التي أُحدثت بعد خير القرون في العقائد والعبادة بما لم يشرع


١ سورة فاطر آية: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>