للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه يوم تنكشف السرائر، لكان هذا من أعظم البر وأرجحه في ميزانك، لا سيما وقد جاءك من العلم ما لم يؤته. ثم لو فرض أن هذا الظن متحقق في نفس الأمر، فأي مسوغ للمسارعة إلى الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، وسفكوا الدماء بغير بينة ولا سلطان؟

ينبغي أن يتنزه عن هذا سوقة الناس وعامتهم، وإنما خاطبتك بلسان العلم لحسن ظني، والأكثر قد تحققت هلاكهم، وأنهم في ظلمة الجهل، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق، وبعض من ينتسب إلى الدين قد عرف ما هناك، ولكنه آثر العاجلة، وأخلد إلى الأرض واتبع هواه، وأبدى من المعاذير ما لا ينجي يوم العرض على الله.

وأما يمينك على أنك تحققت من أبيك أنه لا ينكث عهده، ولو يقال لك: الدنيا ومثلها معها، فعجب لا ينقضي، والله يغفر لك، وهل لنكث العهد حقيقة تباين ما وقع؟ "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".

وقولك: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} ١ حق نؤمن به، ولا نحتج به على شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

وأما الخط مني له فخطي إليك يكفي، ومثلك لا يخفى عليه وجوب الجهاد، وأنه ركن من أركان الإسلام، وذروة سنامه كما هو مقرر في محله، والآيات القرآنية لا يتسع هذا الموضع لسياقها.

بقي أن يقال: هل الجهاد في هذه القضية جهاد في سبيل الله؟

وهذه المسألة لا يختص بها طالب علم، بل كل من كان له نصيب من نور الفطرة ونور الإسلام يعرف هذه المسألة، ولا تلتبس عليه.


١ سورة يوسف آية: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>