للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يتزحزح عنك إذا أعطى. وأنت ولله الحمد ١ من مفاتي هذه الأمة في عصرك، يشار إليك ويقتدى بك بين أهل دهرك، وقد عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال في هذا الأمر ٢: هو لمن يقال: هو لك، لا لمن يقول: هو لي، ومن رغب عنه لا لمن تجاحش عليه، والآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحكامه مضبوطة مسطورة، محررة في دواوين الإسلام مشهورة، فهلم فالحكم مرضي والحق مطاع:

فيا سادتنا هاتوا لنا من جوابكم ... ففيكم لعمري ذو أفانين مقول

أأهل كتاب نحن فيه وأنتمو ... على ملة نقضي بها ثم نعدل

أم الوحي منبوذ وراء ظهورنا ... ويحكم فينا المرزبان المرفل

أتظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الأمر سدى بددا ٣ مباهل غباهل طلاحي، مفتونة بالباطل مغبونة عن الحق، لا رائد ولا قائد، ولا ضابط ولا حافظ، ولا ساقي ولا واقي، ولا هادي ولا حادي، كلا والله ما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سأل ربه المصير إليه إلا وقد ترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. ولقد توفي رسول صلى الله عليه وسلم وما من طائر يقلب جناحيه إلا وقد ذكر للأمة منه علما.

{هذا آخر ما وجد من هذه الرسالة، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم}


١ قوله: وأنت ولله الحمد إلخ. هو من كلام الشيخ لمخاطبهوهو في موضع قول الصدِّيق لعلي -رضي الله عنه-: وأنك أديم هذه الأمة فلا تحكم لجاجا، وسيفها العضب فلا تنب اعوجاجا، وماؤها العذب فلا تحل أجاجا.
٢ قوله: وقد عرفت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إلخ. أصله من الكلام المعزو إلى الصدِّيق -رضي الله عنه- ولقد سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن هذا الأمر فقال لي: يا أبا بكر هو لمن يرغب عنه، لا لمن يرغب فيه ويجاحش عليه، ولمن تضاءل له لا لمن تنفج إليه، ولمن يقال: هو لك، لا لمن يقول: هو لي. والمراد بالأمر الخلافة، وما بعد هذا إلى آخر الأبيات مما أورده الشيخ ليس فيه من الرواية شيء.
٣ قوله: أتظن أن رسول الله .. إلى قوله: ولا حادي .. من الأصل المنسوب إلى الصدِّيق بلفظه، وما بعده للشيخ لفظا لا معنى وأسلوبا. وجملة القول أنه -رحمه الله- أتقن الأخذ والتضمين، ولكن مثله في كثرته يعاب إذا لم يصرح آخذه بأنه قد أخذ وضمن، ولعل الشيخ فعل هذا أو أشار إليه فيما فقد من الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>