للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال "حزن من ذبح واحدها في حجرها".

وكان معاوية رضي الله عنه يكتب فيما ينْزل به إلى علي بن أبي طالب يسأله عن ذلك، فلما بلغه قتله، قال: ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب، فقال له عتبة أخوه: لا يسمع هذا منك أهل الشام. انتهى ما ذكره أبو عمر.

وكذلك الصحابة الذين قاتلوا عليا مع معاوية ليس فيهم من يقول: إن معاوية أفضل من علي، وإنما قاتلوه ومن معهم من أهل الشام للطلب بدم عثمان رضي الله عنه.

وكانوا يقولون: إن معاوية هو ولي عثمان والطالب بدمه، كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم بالأخبار والتواريخ وأيام الناس.

قال مجالد عن الشعبي: لما قتل عثمان أرسلت أم حبيبة بنت أبي سفيان إلى أهل عثمان: أرسلوا إلي بثياب عثمان، وبالخصلة الشعر التي نتفت من لحيته، ثم دعت النعمان بن بشير فبعثته إلى معاوية، فمضى بذلك وبكتابها فصعد معاوية المنبر، وجمع الناس، ونشر القميص عليهم، وذكر ما صنع بعثمان ودعا إلى الطلب بدمه، فقام أهل الشام فقالوا: هو ابن عمك وأنت وليه، ونحن الطالبون معك بدمه، فبايعوا له.

وقال يونس عن الزهري: لما بلغ معاوية قتل طلحة والزبير، وظهور علي، دعا أهل الشام للقتال معه على الشورى، والطلب بدم عثمان، فبايعوه على ذلك أميرا غير خليفة.

وقد روى الطبراني عن ابن عباس قال: ما زلت موقنا أن معاوية سيلي الملك والسلطان من هذه الآية {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} ١، ٢.

[أهل السنة يتولون عليا وأهل البيت]

وأما سائر أهل السنة والجماعة فكلهم يتولون عليًّا وأهل البيت، ويحبونهم،


١ سورة الإسراء آية: ٣٣.
٢ ولكن قال الله بعد ذلك: (فلا يسرف في القتل)، وقد أسرف معاوية، وقامت عليه الحجة بما رواه هو وغيره من قوله -صلى الله عليه وسلم- لعمار: "تقتلك الفئة الباغية" ثم ماذا فعل بقتلة عثمان، بعد أن انتهى إليه السلطان؟؟ (*)
(*) هذا استدراك خاطئ من طابع الكتاب! فمعاوية -رضي الله عنه وأرضاه- من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن أصول السنة: الترضي عن الصحابة جميعًا، وعدم انتقاص أحد منهم أو بغضه لحدث كان منه وعدم ذكر مساوئه، فأدناهم منزلة أفضل مِن كل مَن جاء بعدهم. فكيف لو كان هذا الصحابي مجتهدًا دائرًا بين الأجر والأجرين؟! فاللهم غفرًا. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

<<  <  ج: ص:  >  >>